يرصد مشروعات إسرائيلية مجهولة .. الماء والأمن القومي المصري كتاب جديد للزميل أحمد علي سليمان
المصريون: خاص | 26-11-2010 23:47
صدر أمس كتاب (الماء والأمن القومي المصري: رؤية منهجية لحل المشكلة) للزميل أحمد على سليمان الباحث والمحاضر في الفكر الإسلامي والمدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية بالقاهرة، والذي يتناول قضية حياتية تعد من أخطر القضايا التي تتعلق بأمن مصر... خصوصًا في ظل تصاعد وتيرة الخلافات بين دول المنبع ودول المصب... ودخول أياد خفية في تلك المنطقة الحساسة من إفريقيا، مصلحتها زعزعة أمن مصر..
يشير الكاتب في مقدمة الكتاب أن ثمة تحديات طبيعية وسياسية واجتماعية واقتصادية... تواجه قضية المياه في مصر، وتعطي مؤشرات تتسم بالضابية حول مستقبل تأمين المياه للأجيال القادمة.. الأمر الذي يحتم علينا دراسة كافة أبعاد المشكلة دراسة علمية منهجية معمقة، والمساهمة في وضع تصورات منطقية وأطر نظرية وتطبيقية لحلول قابلة التنفيذ؛ لمواجهة هذه المشكلة بالمنهج العلمي التي تؤرق المصريين على اختلاف مستوياتهم ومشاربهم، قبل أن تتفاقم الأمور وتصبح خارج نطاق السيطرة.. لاسيما وأن الماء هو أساس الحياة والأحياء على وجه الأرض. موضحًا أنه على الرغم من أن الله –سبحانه وتعالى- قد حَبَا مصر موقعًا جغرافيًّا متميزًا وفريدًا، حيث تقع في وسط العالم، وتطل على البحرين الأبيض والأحمر.. إلخ، فإنها في الوقت نفسه تقع في المنطقة الجافة وشبه الجافة، التي تتسم بمحدودية مياهها، كما أن 95% من مواردها المائية تأتي من خارجها. أما من داخلها فتكاد تنعدم الموارد -اللهم بعض مصادر المياه الجوفية، وبعض الأمطار في فصل الشتاء على السواحل وبعض المناطق الداخلية- في ظل زيادة عدد السكان وارتفاع مستوى المعيشة، وفي نفس الوقت سوء إدارة المياه، وغياب دور العلماء والخبراء والمتخصصين في مجالات المياه، وعدم الاستفادة من خبراتهم في علاج المشكلة.. وكثرة الصناعات التى تعتمد بشكل أساس على استهلاك واستنـزاف كميات كبيرة جدًّا من المياه.. في وقت نشهد فيه سوء شبكات الري الزراعي، وسوء شبكات الصرف، وعدم التوسع في تقنيات الري بالتنقيط، أو التوسع في زراعة المحاصيل الزراعية التي تتحمل الجفاف وتعتمد على كميات أقل من المياه.. واستغلال المياه الجوفية استغلالا غير آمن، وغياب المنهجية العلمية في إدارتها، والاعتداء عليها بشكل يؤدي إلى نضوب الكثير من آبارها...
وحذر أحمد علي سليمان من الإسراف الكبير جدًّا الذي يحدث صباح مساء في المياه الصالحة -التي ننفق عليها المليارات سنويًّا- بلا ضابط في: غسيل السيارات، ورش الشوارع، وري البساتين، وإزاحة الصرف الثقيل في الحمامات...إلخ، في وقت يكاد ينعدم فيه "الوعى المائي" لدى الجماهير .. بسبب تقصير أجهزة الإعلام والمؤسسات التعليمية والتربوية... في إبراز خطورة هذه القضية.. كل هذا في ظل الصراعات الدائرة في دول منابع نهر النيل، والتوجهات المتتالية هناك لتقليل حصة مصر من المياه، وتَنكر معظم دول المنابع للاتفاقيات المنظِمة والمقرِّرَة لحقوق مصر في مياه النيل.. وتوقيع الاتفاقية الإطارية في غياب مصر والسودان.. مع تحرك صهيوني ماكر ودائب في تلك الدول للتأثير على حصة مصر من مياه النيل.. وهذه سياسة إسرائيلية قديمة، حيث أعلنت "جولد مائير" قبل عقود من الزمن في خطاب لها بقولها: "إن التحالف مع تركيا وإثيوبيا يعني أن أكبر نهرين في المنطقة -أي النيل والفرات- سيكونان في قبضتنا" ويبدو أن هذه السياسة الاستراتيجية تسعى إسرائيل لتحقيقها، ولا أدل على ذلك مما نشهده اليوم من تحالفات بين إسرائيل وإثيوبيا، وبين إسرائيل وتركيا، قبل اعتداء إسرائيل السافر على قافلة الحرية المتجهة لإخواننا المحاصرين في غزة.. وتوغلها وزيادة عدد خبرائها في دول المنابع لدراسة احتياجاتهم وتلبيتها ومن ثم كسب ودهم والتأثير عليهم وعلى قراراتهم. ناهيك عن تخطيط إسرائيل لنقل المياه من إثيوبيا إليها عبر خراطيم ضخمة تمر في البحر الأحمر..!!. ويدعو الكاتب إلى دق أجراس الخطر بقوة، للتحذير من خطورة هذه القضية، ولكي نقف وقفة مخلصة مع النفس بالتعاون مع مؤسساتنا المعنية؛ لشرح أبعاد هذه القضية فى ضمير كل فرد منَّا قبل أن تتفاقم الأمور.. ورسم صورة حقيقية وواقعية للماء وأهميته، وكشف الأخطار والتحديات التى تحدق به، وطرح الرؤى والأفكار لبلورة استراتيجية فاعلة؛ لمجابهة هذه التحديات من ناحية، وتأمين المياه للأجيال القادمة من ناحية ثانية، والنهوض ببلدنا التي يجب أن نبذل في سبيلها الغالي والنفيس من ناحية ثالثة..
وقد قسم المؤلف الكتاب إلى قسمين تناول في الأول منهما بالتفصيل واقع مشكلة المياه في مصر، والتحديات الطبيعية والجغرافية الاجتماعية التي تواجهها، وضعف الوعي المجتمعي وغياب دور المتخصصين وأثره في تفاقم مشكلة المياه، ودراسة المشكلات التشريعية والصناعية والزراعية، ومشكلات تلــوث الميـــاه ومشكلات الهدر ومشكلات التمويل، وإبراز أهم المشكلات السياسية المتعلقة بالقضية والتنبوء بمستقبل المياه في مصر في ظل المعطيات الراهنة...
أما القسم الثاني فتضمن رؤية منهجية لحل مشكلة المياه في مصر، تناول فيه بموضوعية وعمق شديدين، التحرك المصري الواجب (خارجيا وداخليا) لاحتواء هذه المشكلة، من خلال: تفعيل التحرك الدبلوماسي الدقيق والمنظم (سياسيا، وتربويا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وإعلاميا..) والمساهمة بالخبرات والامكانات والأموال المصرية في دعم برامج التنمية في تلك الدول، وتنفيذ المشروعات المصرية للاستفادة من فواقد المياه في دول حوض النيل، وترشيد المياه المستخدمة في الزراعة، وتحديث القوانين المصرية الخاصة بالحفاظ على مياه النيل، ورفع الوعي المجتمعي بخطورة مشكلة المياه من خلال المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية، واستخدام الطاقة الشمسية في تعقيم المياه وتحليتها، وإعادة تدوير مياه الصرف بالأساليب الحديثة، والتوسع في استخدام الموارد المائية غير التقليدية والاستفادة منها، وتحلية المياه المالحة، والاتجاه إلى البحر والاستفادة من ثرواته، وأيضا تعظيم الاستفادة من المياه الجوفية..
وقد قدم الكاتب أفكارًا جديدة في غاية الأهمية من شأنها في حالة تنفيذها مجتمعة أن تحد من تفاقم المشكلة بل وتسهم في علاجها، منها: إنشاء صناديق خاصة لدعم الجهود المتعلقة بمواجهة مشكلة المياه بأموال الأوقاف وغيرها، واستخدام نظم الغسيل الجاف للملابس بدلا من الغسيل التقليدي بالماء، وتوجيه الاستثمارات في هذا المجال، وتجميع مياه المطر بحيث يكون الميل على طرفي الطريق وتصب في بالوعات خاصة بحيث تتجمع في أماكن معينة والاستفادة منها، وعمل سدود ترابية وغيرها لتجميع مياه الأمطار في سيناء وغيرها بدلا من تسربها إلى مياه البحر.. واستحداث أنواع جديدة من الصنابير تعمل بالأشعة، وإصلاح وتحديث صنابير المياه، وتصغير حجم صندوق صرف الحمام "السيفون"، أو وضع زجاجتين مملوءتين ومغلقتين فيه لتقليل حجمه وبما لا يخل بكفاءته، وتحويل صرف مياه أحواض غسيل الوجه –بعد ترشيحها بواسطة فلتر- إلى صرف سيفونات الحمامات (صناديق الطرد)، وعزل الصرف الصحي الخفيف عن الثقيل. وفصل وتقسيم المياه إلى البيوت وغيرها إلى مياه صالحة للاستخدام الآدمي، وأخرى لإزاحة الصرف الثقيل، وغسيل السيارات، وري الحدائق..
ودعا مؤلف كتاب الماء والأمن القومي المصري: إلى ضرورة التوسع في زراعة الزيتون، والأشجار المثمرة وتنسيقها بشكل جمالي بدلا من الملايين من أشجار الزينة التي تستهلك المياه صباح مساء..منبها أنه في الزيارات التي قام بها إلى الأردن الشقيق الذي تتشابه ظروفه المناخية بشكل كبير بظروف مصر، وجدهم يتوسعون بشكل ملفت للانتباه في زراعة أشجار الزيتون التي تتسم بالشكل الجميل، والتي تستهلك كميات ضئيلة جدًّا من المياه.. يتوسعون في زراعتها في كل مؤسساتهم.. في الجامعات، وفي المؤسسات الخدمية والبلديات.. في المستشفيات.. في المدارس.. في الطرق وعلى طولها الكبير.. يزرعونها وكأنها أشجار للزينة من ناحية، ولأنها لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه بل تعتمد على النـزر اليسير من المياه الموجودة في التربة، ولأنها تدر على كل مؤسسة -مزروعة في رحابها- دخلا كبيرًا؛ إذ كل مؤسسة تقوم بحصاد الزيتون من أشجارها، وعصره، وبيعه، لتسهم بشكل كبير في تمويل برامج المؤسسة وأنشتطها المختلفة، وبالتالي تحقق سلسلة من المكاسب والمنافع؛ فهي تزين الطرق والحدائق بهذه الأشجار التي لا تحتاج إلى المياه، ومن ثم تسفيد من العوائد الاقتصادية لهذه الزراعة.. ودعا إلى الاستفادة من هذه التجربة وتعميمها على نطاق واسع في مصر وفي غيرها.. وطالب الدولة بأن تقوم بتعميم زراعة الزيتون في الحدائق وعلى طول الطرق وفي المؤسسات المختلفة ليحل محل أشجار الزينة التي تستهلك كميات ضخمة من المياه وفي نفس الوقت لا تنبت ثمرًا.. وبالتالي نحقق عائدات اقتصادية كبيرة.. لافتا الانتباه إلى أن المسافر عبر الطريق الدائري -مثلا- حول القاهرة، يجد مئات الآلف من الأشجار غير المثمرة المزروعة بعمق نحو 20 مترا في خط متواز مع الطريق، وبطول عشرات الكيلو مترات، التي تسقى بالماء ولا تنبت ثمرًا، ويرى الكاتب أن ذلك من العبث فما يحدث في هذا الصدد مخالف للعقل والمنطق ولتعاليم الدين الحنيف، ومجانب للتخطيط العلمي السليم، لأن الأمة في أمس الحاجة إلى كل قطرة ماء، وإلى كل شبر يمكن زراعته.. ودعا أن تكون الأشجار المرزوعة أشجارا مثمرة كالزيتون أو الموالح أو النخيل المثمر أو المانجو.. إلخ -وكلها تلطف الجو وينبعث منها الأوكسجين، وتعمل أيضًا كمصدات للهواء، مثلها مثل الأشجار غير المثمرة، ويمكن أيضا زراعتها وتنسيقها بشكل جمالي مبهر- والتوسع فيها في إطار خطة الدولة لمواجهة أفواه الكثير من الجوعى والمحرومين.. ونبه سيادته أن هناك آلاف الكليو مترات، والتي تتمثل في شواطئ النيل والرياحات والترع والقنوات.. إلخ، تلك المساحات الضخمة من الأراضي الزراعية تَنبت فيها الحشائش وغيرها من النباتات التي ليس لها فائدة، والتي تستهلك –بدون وعي منا – كميات ضخمة من المياه، بحث يتم استبدال تلك النباتات، بزراعة النباتات المفيدة وملايين الأشجار المثمرة في هذه الأماكن، في إطار خطة طموحة لتعظيم الاستفادة من كل شبر من أرض مصر.. ويمكن أن تكون هذه الزراعات سبيلا ووقفا ومتاحة لكل الجوعي والمحرومين وغيرهم، وبذلك نخفف العبء عن الدولة فيما تستورده من غذاء.. وانتهى الكتاب بخاتمة تضمنت أهم نتائج الدراسة وتوصيتها..
المصريون: خاص | 26-11-2010 23:47
صدر أمس كتاب (الماء والأمن القومي المصري: رؤية منهجية لحل المشكلة) للزميل أحمد على سليمان الباحث والمحاضر في الفكر الإسلامي والمدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية بالقاهرة، والذي يتناول قضية حياتية تعد من أخطر القضايا التي تتعلق بأمن مصر... خصوصًا في ظل تصاعد وتيرة الخلافات بين دول المنبع ودول المصب... ودخول أياد خفية في تلك المنطقة الحساسة من إفريقيا، مصلحتها زعزعة أمن مصر..
يشير الكاتب في مقدمة الكتاب أن ثمة تحديات طبيعية وسياسية واجتماعية واقتصادية... تواجه قضية المياه في مصر، وتعطي مؤشرات تتسم بالضابية حول مستقبل تأمين المياه للأجيال القادمة.. الأمر الذي يحتم علينا دراسة كافة أبعاد المشكلة دراسة علمية منهجية معمقة، والمساهمة في وضع تصورات منطقية وأطر نظرية وتطبيقية لحلول قابلة التنفيذ؛ لمواجهة هذه المشكلة بالمنهج العلمي التي تؤرق المصريين على اختلاف مستوياتهم ومشاربهم، قبل أن تتفاقم الأمور وتصبح خارج نطاق السيطرة.. لاسيما وأن الماء هو أساس الحياة والأحياء على وجه الأرض. موضحًا أنه على الرغم من أن الله –سبحانه وتعالى- قد حَبَا مصر موقعًا جغرافيًّا متميزًا وفريدًا، حيث تقع في وسط العالم، وتطل على البحرين الأبيض والأحمر.. إلخ، فإنها في الوقت نفسه تقع في المنطقة الجافة وشبه الجافة، التي تتسم بمحدودية مياهها، كما أن 95% من مواردها المائية تأتي من خارجها. أما من داخلها فتكاد تنعدم الموارد -اللهم بعض مصادر المياه الجوفية، وبعض الأمطار في فصل الشتاء على السواحل وبعض المناطق الداخلية- في ظل زيادة عدد السكان وارتفاع مستوى المعيشة، وفي نفس الوقت سوء إدارة المياه، وغياب دور العلماء والخبراء والمتخصصين في مجالات المياه، وعدم الاستفادة من خبراتهم في علاج المشكلة.. وكثرة الصناعات التى تعتمد بشكل أساس على استهلاك واستنـزاف كميات كبيرة جدًّا من المياه.. في وقت نشهد فيه سوء شبكات الري الزراعي، وسوء شبكات الصرف، وعدم التوسع في تقنيات الري بالتنقيط، أو التوسع في زراعة المحاصيل الزراعية التي تتحمل الجفاف وتعتمد على كميات أقل من المياه.. واستغلال المياه الجوفية استغلالا غير آمن، وغياب المنهجية العلمية في إدارتها، والاعتداء عليها بشكل يؤدي إلى نضوب الكثير من آبارها...
وحذر أحمد علي سليمان من الإسراف الكبير جدًّا الذي يحدث صباح مساء في المياه الصالحة -التي ننفق عليها المليارات سنويًّا- بلا ضابط في: غسيل السيارات، ورش الشوارع، وري البساتين، وإزاحة الصرف الثقيل في الحمامات...إلخ، في وقت يكاد ينعدم فيه "الوعى المائي" لدى الجماهير .. بسبب تقصير أجهزة الإعلام والمؤسسات التعليمية والتربوية... في إبراز خطورة هذه القضية.. كل هذا في ظل الصراعات الدائرة في دول منابع نهر النيل، والتوجهات المتتالية هناك لتقليل حصة مصر من المياه، وتَنكر معظم دول المنابع للاتفاقيات المنظِمة والمقرِّرَة لحقوق مصر في مياه النيل.. وتوقيع الاتفاقية الإطارية في غياب مصر والسودان.. مع تحرك صهيوني ماكر ودائب في تلك الدول للتأثير على حصة مصر من مياه النيل.. وهذه سياسة إسرائيلية قديمة، حيث أعلنت "جولد مائير" قبل عقود من الزمن في خطاب لها بقولها: "إن التحالف مع تركيا وإثيوبيا يعني أن أكبر نهرين في المنطقة -أي النيل والفرات- سيكونان في قبضتنا" ويبدو أن هذه السياسة الاستراتيجية تسعى إسرائيل لتحقيقها، ولا أدل على ذلك مما نشهده اليوم من تحالفات بين إسرائيل وإثيوبيا، وبين إسرائيل وتركيا، قبل اعتداء إسرائيل السافر على قافلة الحرية المتجهة لإخواننا المحاصرين في غزة.. وتوغلها وزيادة عدد خبرائها في دول المنابع لدراسة احتياجاتهم وتلبيتها ومن ثم كسب ودهم والتأثير عليهم وعلى قراراتهم. ناهيك عن تخطيط إسرائيل لنقل المياه من إثيوبيا إليها عبر خراطيم ضخمة تمر في البحر الأحمر..!!. ويدعو الكاتب إلى دق أجراس الخطر بقوة، للتحذير من خطورة هذه القضية، ولكي نقف وقفة مخلصة مع النفس بالتعاون مع مؤسساتنا المعنية؛ لشرح أبعاد هذه القضية فى ضمير كل فرد منَّا قبل أن تتفاقم الأمور.. ورسم صورة حقيقية وواقعية للماء وأهميته، وكشف الأخطار والتحديات التى تحدق به، وطرح الرؤى والأفكار لبلورة استراتيجية فاعلة؛ لمجابهة هذه التحديات من ناحية، وتأمين المياه للأجيال القادمة من ناحية ثانية، والنهوض ببلدنا التي يجب أن نبذل في سبيلها الغالي والنفيس من ناحية ثالثة..
وقد قسم المؤلف الكتاب إلى قسمين تناول في الأول منهما بالتفصيل واقع مشكلة المياه في مصر، والتحديات الطبيعية والجغرافية الاجتماعية التي تواجهها، وضعف الوعي المجتمعي وغياب دور المتخصصين وأثره في تفاقم مشكلة المياه، ودراسة المشكلات التشريعية والصناعية والزراعية، ومشكلات تلــوث الميـــاه ومشكلات الهدر ومشكلات التمويل، وإبراز أهم المشكلات السياسية المتعلقة بالقضية والتنبوء بمستقبل المياه في مصر في ظل المعطيات الراهنة...
أما القسم الثاني فتضمن رؤية منهجية لحل مشكلة المياه في مصر، تناول فيه بموضوعية وعمق شديدين، التحرك المصري الواجب (خارجيا وداخليا) لاحتواء هذه المشكلة، من خلال: تفعيل التحرك الدبلوماسي الدقيق والمنظم (سياسيا، وتربويا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وإعلاميا..) والمساهمة بالخبرات والامكانات والأموال المصرية في دعم برامج التنمية في تلك الدول، وتنفيذ المشروعات المصرية للاستفادة من فواقد المياه في دول حوض النيل، وترشيد المياه المستخدمة في الزراعة، وتحديث القوانين المصرية الخاصة بالحفاظ على مياه النيل، ورفع الوعي المجتمعي بخطورة مشكلة المياه من خلال المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية، واستخدام الطاقة الشمسية في تعقيم المياه وتحليتها، وإعادة تدوير مياه الصرف بالأساليب الحديثة، والتوسع في استخدام الموارد المائية غير التقليدية والاستفادة منها، وتحلية المياه المالحة، والاتجاه إلى البحر والاستفادة من ثرواته، وأيضا تعظيم الاستفادة من المياه الجوفية..
وقد قدم الكاتب أفكارًا جديدة في غاية الأهمية من شأنها في حالة تنفيذها مجتمعة أن تحد من تفاقم المشكلة بل وتسهم في علاجها، منها: إنشاء صناديق خاصة لدعم الجهود المتعلقة بمواجهة مشكلة المياه بأموال الأوقاف وغيرها، واستخدام نظم الغسيل الجاف للملابس بدلا من الغسيل التقليدي بالماء، وتوجيه الاستثمارات في هذا المجال، وتجميع مياه المطر بحيث يكون الميل على طرفي الطريق وتصب في بالوعات خاصة بحيث تتجمع في أماكن معينة والاستفادة منها، وعمل سدود ترابية وغيرها لتجميع مياه الأمطار في سيناء وغيرها بدلا من تسربها إلى مياه البحر.. واستحداث أنواع جديدة من الصنابير تعمل بالأشعة، وإصلاح وتحديث صنابير المياه، وتصغير حجم صندوق صرف الحمام "السيفون"، أو وضع زجاجتين مملوءتين ومغلقتين فيه لتقليل حجمه وبما لا يخل بكفاءته، وتحويل صرف مياه أحواض غسيل الوجه –بعد ترشيحها بواسطة فلتر- إلى صرف سيفونات الحمامات (صناديق الطرد)، وعزل الصرف الصحي الخفيف عن الثقيل. وفصل وتقسيم المياه إلى البيوت وغيرها إلى مياه صالحة للاستخدام الآدمي، وأخرى لإزاحة الصرف الثقيل، وغسيل السيارات، وري الحدائق..
ودعا مؤلف كتاب الماء والأمن القومي المصري: إلى ضرورة التوسع في زراعة الزيتون، والأشجار المثمرة وتنسيقها بشكل جمالي بدلا من الملايين من أشجار الزينة التي تستهلك المياه صباح مساء..منبها أنه في الزيارات التي قام بها إلى الأردن الشقيق الذي تتشابه ظروفه المناخية بشكل كبير بظروف مصر، وجدهم يتوسعون بشكل ملفت للانتباه في زراعة أشجار الزيتون التي تتسم بالشكل الجميل، والتي تستهلك كميات ضئيلة جدًّا من المياه.. يتوسعون في زراعتها في كل مؤسساتهم.. في الجامعات، وفي المؤسسات الخدمية والبلديات.. في المستشفيات.. في المدارس.. في الطرق وعلى طولها الكبير.. يزرعونها وكأنها أشجار للزينة من ناحية، ولأنها لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه بل تعتمد على النـزر اليسير من المياه الموجودة في التربة، ولأنها تدر على كل مؤسسة -مزروعة في رحابها- دخلا كبيرًا؛ إذ كل مؤسسة تقوم بحصاد الزيتون من أشجارها، وعصره، وبيعه، لتسهم بشكل كبير في تمويل برامج المؤسسة وأنشتطها المختلفة، وبالتالي تحقق سلسلة من المكاسب والمنافع؛ فهي تزين الطرق والحدائق بهذه الأشجار التي لا تحتاج إلى المياه، ومن ثم تسفيد من العوائد الاقتصادية لهذه الزراعة.. ودعا إلى الاستفادة من هذه التجربة وتعميمها على نطاق واسع في مصر وفي غيرها.. وطالب الدولة بأن تقوم بتعميم زراعة الزيتون في الحدائق وعلى طول الطرق وفي المؤسسات المختلفة ليحل محل أشجار الزينة التي تستهلك كميات ضخمة من المياه وفي نفس الوقت لا تنبت ثمرًا.. وبالتالي نحقق عائدات اقتصادية كبيرة.. لافتا الانتباه إلى أن المسافر عبر الطريق الدائري -مثلا- حول القاهرة، يجد مئات الآلف من الأشجار غير المثمرة المزروعة بعمق نحو 20 مترا في خط متواز مع الطريق، وبطول عشرات الكيلو مترات، التي تسقى بالماء ولا تنبت ثمرًا، ويرى الكاتب أن ذلك من العبث فما يحدث في هذا الصدد مخالف للعقل والمنطق ولتعاليم الدين الحنيف، ومجانب للتخطيط العلمي السليم، لأن الأمة في أمس الحاجة إلى كل قطرة ماء، وإلى كل شبر يمكن زراعته.. ودعا أن تكون الأشجار المرزوعة أشجارا مثمرة كالزيتون أو الموالح أو النخيل المثمر أو المانجو.. إلخ -وكلها تلطف الجو وينبعث منها الأوكسجين، وتعمل أيضًا كمصدات للهواء، مثلها مثل الأشجار غير المثمرة، ويمكن أيضا زراعتها وتنسيقها بشكل جمالي مبهر- والتوسع فيها في إطار خطة الدولة لمواجهة أفواه الكثير من الجوعى والمحرومين.. ونبه سيادته أن هناك آلاف الكليو مترات، والتي تتمثل في شواطئ النيل والرياحات والترع والقنوات.. إلخ، تلك المساحات الضخمة من الأراضي الزراعية تَنبت فيها الحشائش وغيرها من النباتات التي ليس لها فائدة، والتي تستهلك –بدون وعي منا – كميات ضخمة من المياه، بحث يتم استبدال تلك النباتات، بزراعة النباتات المفيدة وملايين الأشجار المثمرة في هذه الأماكن، في إطار خطة طموحة لتعظيم الاستفادة من كل شبر من أرض مصر.. ويمكن أن تكون هذه الزراعات سبيلا ووقفا ومتاحة لكل الجوعي والمحرومين وغيرهم، وبذلك نخفف العبء عن الدولة فيما تستورده من غذاء.. وانتهى الكتاب بخاتمة تضمنت أهم نتائج الدراسة وتوصيتها..