أبناؤنا والقراءة ..
لماذا خلت عقول طلابنا و طالباتنا من العلم و الثقافة؟
لماذا حين نسأل عن أبسط المعلومات التي نفترض أنها بديهية و أن الكل يعرفها لا نجد الا علامات استفهام ترتسم على وجوه ابنائنا كأننا سألنا عن معادلة نووية أو معضلة دولية؟
و لا نجد الا ابتسامات يفترض أنها بريئة و رؤوس توميء لنا بالاستغراب و عيون تملؤها الدهشة ؟
لماذا أصبحت معلومات ابنائنا تقتصر على منهج المدرسة " الحالي" فقط -لأنهم نسوا السابق بالطبع- و على ما يتحفهم به التلفاز أو مجلات المرأة و الرياضة من معلومات رخيصة تتعلق بالتوافه أو ما يسمعونه من هنا و هناك؟
إنه لأمر محزن أن لا يعرف الأبناء أبسط المعلومات عن أوطانهم ، أو حتى أبسط قواعد المعرفة العامة؟
و تأتيك الطامة حين تسألهم: ألا تقرأون؟
فتأتيك الاجابة الواثقة: لا ! و حين تسأل: و لم؟
تأتيك الاجابات المختلفة التي تتركز في معظمها على إنه "ليس لدينا وقت" أو " لا نحب الكتب" أو " كفانا كتب المدرسة"، فما العمل اذا كانت كتب المدرسة لا تفتح الا للمذاكرة ثم ترمى بعد الامتحان، و المعلومات تحفظ ، لينساها الطالب بعد أن تستنفذ غرضها الذي هو "الامتحان" فقط؟
كيف نشجع أبناءنا على العلم و القراءة، إذا كانت مكتبات المدارس كالكهوف الموحشة، لا يدخلها إلا الذباب، وليس فيها إلا مجموعة كتب أكل عليها الدهر و شرب، و التي إذا دخلها وأراد استكشاف محتوياتها نهر و زجر بحجة العبث بها؟
كيف نشجعهم على المطالعة في أوقات الفراغ و قد حشيت مناهجنا حشوا في أذهانهم فلم نترك لهم متنفسا حتى كرهوا الكتب و المناهج ، وأثقلناهم بالمناشط و زدنا لهم ساعات الدوام، فضجوا من المدرسة و العلم واستغلوا كل وقت "فارغ" في الهرب منهما و منا الى القنوات الفضائية أوالانترنت أو حتى اللعب في "الفريج"؟ ما العمل إذا؟ سؤال يحتاج إلى إجابة!
قالت لي إحدى طالباتي: " يعني لازم نعرف كل شيء"؟؟ وذلك عندما سألتهن عن سؤال بسيط لم أجد من يجاوبني عليه، فظهرت علامات الحسرة على وجهي، و لعلها أرادت التسرية عني، فلم تدر بمصيبتي ..!
لا يا طالبتي العزيزة، ليس كل شيء، لكن على الأقل .. لو الشيء اليسير، ما يضر لو قرأنا و عرفنا قليلا، لو فتحنا كتابا أو طالعنا صحيفة أو حتى استمعنا و شاهدنا الأخبار أو البرامج الثقافية التي إن وقعنا عليها "بالغلط" سرعان ما قلبناها غير آسفين.
إن العالم الآن في ثورة علمية وتكنولوجية، الطالب عندهم يبحث عن أي شيء و كل شيء بلمسة زر للكمبيوتر، الذي لا يزال عالما مجهولا للغالبية العظمى من طلابنا، و إن عرفوه اقتصرت معرفتهم على الألعاب أو الطباعة أو الدردشة .. إن لم نقل " معاكسة" في برامج المحادثة الحيّة المسمـاة بــ chat .. أليس ذلك مبعثا للحسرة؟
قديما قالوا: اطلبوا العلم و لو في الصين، وقد صارت الصين لآن قريبة، ولكن قل الطالبون