ضواء القمر

أهلا بك أيها القادم إلى ضواء القمر

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ضواء القمر

أهلا بك أيها القادم إلى ضواء القمر

ضواء القمر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عقيدة وعبادات ومعاملات ومذاهب ولغة

طـوفـان البلاء .. التمثيل والغناء منتديات ضواء القمر Fawzan طـوفـان البلاء .. التمثيل والغناء منتديات ضواء القمر Iftaa طـوفـان البلاء .. التمثيل والغناء منتديات ضواء القمر Mnjeed
طـوفـان البلاء .. التمثيل والغناء منتديات ضواء القمر Ebn-baz طـوفـان البلاء .. التمثيل والغناء منتديات ضواء القمر OSEMEEN طـوفـان البلاء .. التمثيل والغناء منتديات ضواء القمر Jabreen
في بيانها السادس..الهيئة الشرعية تطالب بإقالة المجترئين على الدين.. عناصر إيرانية ومن "حزب الله" تقمع المحتجين في درعا.. مصادر مطلعة تؤكد مقتل "خميس القذافي" . .مقربون من القذافي يبحثون عن خروج مشرف له.. والثوار يرفضون مبدأ التفاوض .. القربي: الرئيس اليمني يقترب من اتفاق لنقل السلطة .. استمرار تأجيل قضية خالد سعيد إداريا بسبب الغياب الأمني .. مسؤول بالبنك المركزي: المقر خال من المستندات.. وتم إخلاؤه منذ 7 أشهر . .الشرطة الجزائرية تتصدى لمسيرة جديدة نظمتها المعارضة بوسط العاصمة

    طـوفـان البلاء .. التمثيل والغناء منتديات ضواء القمر

    المُكَدِّي
    المُكَدِّي
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 226
    نقاط : 401
    تاريخ التسجيل : 12/10/2010

    طـوفـان البلاء .. التمثيل والغناء منتديات ضواء القمر Empty طـوفـان البلاء .. التمثيل والغناء منتديات ضواء القمر

    مُساهمة من طرف المُكَدِّي 01.11.10 11:50

    [center]
    منتديات ضواء القمر


    طـوفـان البلاء .. التمثيل والغناء


    إعداد : شريف بن علي الراجحي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : فإن الدنيا ما هي إلا ممر وطريق يعبرها الإنسان إلى داره ومقره الأبدي فينتقل من الدنيا إلى الدار الآخرة وبين الدارين مرحلة تفصل بينهما ألا وهي مرحلة الموت والقبر ، ولئن كان هذا الأمر مسلما به لدى كل مسلم ومسلمة ، فإنه أيضا من المسلم به لدى كل عاقل يعيش على ظهر هذه الأرض أنه لابد له ما دام على قيد الحياة من الأخذ بأسباب السلامة والأمان ، ولذا تراه حريصا على أن لا يصل اللصوص والسراق إلى شيء من متاعه وممتلكاته ، باذلا جهده واستطاعته ، مستفرغاً طاقته وإمكاناته ، وهذا أمر وجد مع وجود الإنسان على هذه الأرض .
    وفي هذا الزمن ومن قبله ، يضع الناس لبيوتهم أبوابا ونوافذ وأقفالا ، احتياطا وحذرا ومنعا لتسلل اللصوص واقتحام السراق ، وهذا عمل محمود ومن الأخذ بالأسباب .
    ولو أن أحداً فوجئ بلصّ يقتحم عليه بيته ، مع تحصنه وحذره ، فلا شكّ أنه سيدافعه بكل ما أوتي من قوة وقدرة ، فإن لم يستطع دفعه فسيستعين بمن يساعده عليه ، فإن لم يفلح في طرده وإبعاده ، فإنه لن يضمر له مودّة وحباً ، بل سيبغضه ويتمنى اليوم الذي ينال منه ويكشفه ويفضحه .
    ولو أن أحداً أتى يوما إلى داره وإذا بمن يقف عند بابه ، فيسأله ماذا يريد ؟ فيجيبه بأنه يريد سرقة الدار !! فهل سيمكنه من دخول داره !.
    ولو أن أحداً جاءه رجل وامرأة يعلم علم اليقين فسادهما وإفسادهما ، فهل سيستضيفهما عنده ، ويدخلهما بيته ، ويتركهما يختلطان بأهله ، ويبقيان معهم !.
    لا أشك أن الحريص على رضى ربه ، ونجاة نفسه ، ووقاية أهله ، ستكون إجابته إجابة العقلاء الذين أنار الله بصائرهم بنور الإسلام والإيمان .
    ومما يذكر فـيُحمد ، رد المفسدين وردع المعتدين ، والتحرز من اللصوص والسراق الآثمين ، وقد حرص الناس على هذا الأمر أيما حرص ، ولكن كثيرا منهم حينما لا يسمح باقتحام اللصوص ، ودخول أرباب الفسق والفساد والفجور ، تراه مع الأسف يتساهل ويفرط ويضيع ، ويسمح – بل ربما يضحك ولا يجد حرجا ولا ضيقا ولا إثما ولا ذنبا ولا تتحرك غيرته ولا ديانته ولا ينكر قلبه – بدخول قوافل الفسقة والفاسقات والمفسدين والمفسدات ، معلمي الرذيلة ، ودعاة الفحشاء والمنكر ، وربما رحب بل أدخل بنفسه وعلى أهله وذريته ، لصوص الفضيلة ، وسراق الشرف والعفاف ، وقاتلي الحياء ، ومعدمي المروءة ، ومدمري الأخلاق ، ومخربي الأفكار ، ومثيري الغرائز ، ومهيجي الشهوات .

    فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
    والعجب الذي لا ينقضي ، أنك عندما تنصح لهذا وذاك ، تصدم بحجج واهيات ، وأعذار ساقطات ، ومجادلات متهاويات ، وإذا ذكرتهم بدينهم ، وتلوت على مسامعهم آيات ربهم ، وأحاديث نبيهم – صلى الله عليه وسلم – ، وجدت مجادلين ووجدت معارضين ووجدت متضايقين ووجدت صامتين ، ولكنك لم تجد مستغفرين تائبين مقلعين ، إلا من رحم الله وقليل ما هم .
    وأدعوك أيها القارئ إلى الصفحات التالية ، مع الأخذ بعين الاعتبار الحرص على الاستفادة والإفادة ، والعمل بما يرضي رب العالمين ، والله أسأل أن يقينا الزلل ، وأن يوفقنا لما فيه وقايتنا وأهلونا نارا وقودها الناس والحجارة ..


    غــرائب :
    كم هو غريب ما يحدث في هذا الزمن !! من يصدق أن المسلم – شعر أم لم يشعر– يطلب هدم دينه وشرفه وعرضه !! وأن يجلب إلى بيته فجارا وفاجرات ودعاة للفساد وداعيات!.
    كم هو غريب أن يجلس الرجل وأبناؤه ، ينظرون إلى صور النساء عبر الشاشة ! وتجلس المرأة وبناتها ، ينظرن إلى صور الرجال !.
    كم هو غريب أن يضرب بالتوجيهات الإلهية عرض الحائط ، وأن لا يلقى لها بالاً ، وأن لا يلتفت إليها ، وأن تتخذ الأسرة القرآن مهجورا !.
    كم هو غريب أن تمتلئ بيوت المسلمين من لصوص الفضيلة وسراق العفاف ودعاة الرذيلة ومخربي العقائد ولا تسمع لهذا الأمر منكرا !! بل يراه البعض ترفيها وتسلية !.
    كم هو غريب أن تجتمع الأسرة أمام الشاشة ، تضحك وتُسر ، وتشارك الفاسقين والفاسقات في الإثم ، وتغفل عن ربها أساخط عليها أم راض عنها !.
    كم هو غريب قلة الحياء وقلة الديانة وقلة الغيرة وقلة المروءة لدى العديد من المسلمين !.
    كم هو غريب أن يُرجى من الناس الالتزام بالدين والأخلاق ، مع وجود ما يصادم ذلك ويناقضه بصورة رهيبة عبر وسائل مختلفة إعلامية وغير إعلامية !.
    ومن الغرائب والغرائب جمّة ترك الديانة واتباع الغاوي
    سقط المعرّض نفسه في فتنة إن المُواقع للضلالة هاوي
    تـعـريـف :
    الممثل والمغني :هو ذلك الإنسان – ذكرا كان أم أنثى – الفاسق ، المردود الشهادة شرعا ، الداعي إلى الانحراف والإثم ، المحبب للرذيلة ، المنفر من الفضيلة ، المبعِد عن الله ، الهادم للأخلاق ، المحب لشيوع الفاحشة بين أمة الإسلام .
    المتلقي : هو ذلك الإنسان – ذكرا كان أم أنثى – الذي أعرض عن ذكر ربه وهديه ، ولم يستجب لنداء الله ، زُيّن له سوء عمله فرآه حسنا ، ابتعد عن الله ، واتبع الشيطان وخطواته وأرضاه ، وفي الكتاب والسنة مصداق ذلك .


    مـن أهـداف الأفـلام والغـناء :
    إبعاد المسلمين عن دينهم ، وتنفيرهم من الالتزام والتمسك بتعاليمه .
    إخراج جيل أكبر همه قضاء شهوته وإشباع غرائزه .
    التهوين من أمر الاختلاط بين الجنسين والدعوة لذلك.
    الترغيب في اتخاذ الأصدقاء والصديقات والأخلاء والخليلات .
    تشويه الشريعة الإسلامية ، وخلخلة العقيدة الإيمانية .
    الدعوة لتقليد الكفار والتشبه بهم في تحللهم ورذيلتهم وملابسهم وعاداتهم .
    إضعاف الغيرة على الأعراض بل قتلها وإماتتها .
    جعل العرض أمرا خاصا بالمرأة تتصرف فيه كما تشاء .
    إشاعة الفاحشة بين المسلمين وتهيئتهم نفسيا للإقدام على الوقوع في الفواحش .
    إشغال المسلمين باللهو والحرام ، وإغراقهم بطوفان من الفتن الشيطانية .
    شغل الأوقات بما يعود بالضرر المحض ويوجب سخط الله تعالى .
    هدم مبدأ الولاء والبراء في النفوس .
    زرع الإعجاب بما عند الكفرة والفاسقين في نفوس المسلمين .


    طوفان البلاء .. التمثيل والغناء :

    ( أنهزم إسرائيل في راقـصاتـنا وفي مسرحيات التماثيل والزمـــــر؟

    وفلسفة الساقين أوفي تزحـلق وشتى بلاجات الخلاعة والفُجــــــر

    لقد نفذ الأوغاد مطلب صهين بمجتمعات العرب في السر والجهــــر ) . (1)

    لن يتحقق للأمة الإسلامية النصر على أعدائها ، إلا إذا نصرت دينها ، وعادت إلى ربها ، وتمسكت حقيقة بالكتاب والسنة ، قال سبحانه : { إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم }.
    نعم ( قد نخطئ ، ولكن المؤلم أن نصر على أخطائنا ولا نستمع إلى الآراء الناصحة المخلصة ).(2)
    ومع الأسف البالغ ، هذه حال كثير من أبناء الأمة في عصرنا ، الإصرار على الذنوب والمعاصي ، والأدهى من ذلك اختلاق المبررات للاستمرار على هذه الأخطاء ، وعدم السعي في الإصلاح ، مع وضوح الحق وعدم خفائه ، بل يحتج بعضهم بحجة هي أوهى من بيت العنكبوت ، فيقول : الناس يريدون كذا وكذا ، ونحن لا نملك سوى أن نلبي رغبتهم ، فهذا وأمثاله ( حببوا إلى هذا الجيل العبث والاستمتاع باللذة ثم اعتذروا عن إرضاء رغباته في الإذاعة والتلفزيون والصحافة والكتب بأنه يريد ذلك !! أفليس مثلهم كمن أغرى إنسانا بالمخدرات حتى اعتادها ، ثم جاء يشكوا منك ويعتذر عن تقديم المخدر له بأنه لا يستطيع عنه صبرا !! ).( 3 )
    ونسي هذا وأمثاله أو تناسوا أنه لا يجوز أبداً نشر الحرام وبثه ، وجلب وسائله ، وتيسيره للناس ، بحجة رغبتهم فيه ، وطلبهم له ، فضلا عن تقديمه لهم ابتداء ، وعرضه عليهم ، ومن فعل ذلك فقد عرض نفسه لسخط الله وعقابه وعذابه ، كما أنه مسؤول أمام الله تعالى عمّا استرعاه الله إيّاه ، فهل أدّى الأمانة وصانها وحافظ عليها ، أم فرّط وضيّع ، ووالله ( إن ما في وسائل الإعلام من برامج وأفلام وتمثيليات لكاف في إفساد المسلمين ).( 4 )
    ولكن ينطبق على كثيرٍ : لقد أسمعت لو ناديت حيّاً ولكن لا حياة لمن تنادي
    فمنذ أول ظهور البلاء ، من أفلامٍ وغناء ، والعلماء الربانيون يصيحون بالناس محذرين الأمّة منه ، ومبينين لخطره ، ومذكرين بشرِّه ، ولكن هناك من يريد له البقاء ، ممن يحبون أن تشيع الـفـاحشة وممن يعملون على إشاعتها ليل نهار في أوساط المسلمين ، فابتليت الأمّة بهذا الطوفان ، وهذا السيل الجارف ، من انتشار الدعوة للزنا والرذيلة ، وكم سقط بسبب هذه الدعوات من فتيانٍ وفتيات ( ولو أردنا أن نستقصي ونحصي المآسي والفضائح والنكبات التي سببتها عندنا الأفلام والسينما بتحللها وفجورها في نفوس الشباب والشابات لتزلزلت خشبات المنابر واهتزت الجدران الصامتة التي لاتحس فكيف بمن يحسّون من الأحياء ). ( 5 )
    فأين الذين يحرصون على إنقاذ أنفسهم وأهليهم ومجتمعاتهم من خزي الدنيا وعذب الآخرة ، ألا نتعظ ونعتبر ، أليس هناك من يوقف هذا الطوفان الجارف الذي أصبح يستعلن به بلا حياء ( إن المقرر اليومي في عالمنا العربي من الأفلام والمسرحيات والأغاني والمسلسلات التي صارت مسيرة بواسطة الإذاعة والتلفزة والبث الفضائي المتعدد المصادر والفيديو يحتاج منا إلى وقفة تأمل ومراجعة لندرك إلى أي مدى ستصل بنا الحال مع هذا الطوفان ). ( 6 )
    وقد اشتدت وطأة هذا الطوفان وعمّ بلاؤه ، بهذه الدشوش والأطباق التي امتلأت بها البيوت والخيام ، في المدن والقرى والبوادي ، وأصبحت تباع أمام مرأى كل عين ، ومسمع كل أذن ، وبما يسمى بالأنترنت الذي استخدمه كثيرون في الشر والفساد ، فإلى الله المشتكى ؛ فهل من عاقل يتأمل وينظر في العواقب ، ويدرك تأثر المتلقي بما يعرض عليه من مرئي ومسموع ومقروء ، وإعجابه بالفجار والمنافقين والكفار ، وتقليدهم ، ومحبتهم ، والتشبه بهم ، وتعظيمهم ، فهم نجومه وقمره وشمسه ، في زمن غربة الإسلام ، وتبدّل الأفهام ، وحيرة أولى النهى والأحلام ، في زمن صار أبطاله ونجومه سقط الناس وسفلتهم وحثالة البشر ، وأرباب الفساد ودعاة الرذيلة ، أسماء وألقاب كبيرة يعطونها ويهبونها إفكاً وكذباً وتلبيساً وزوراً لأهل الفساد ودعاة الفحشاء والمنكر ( وقد انقلبت الموازين مع كل أسف فسُمّي الساقطون والساقطات نجوم السينما أو نجوم الفن في لغة الحضارة الحديثة ). ( 7 )
    ومع الأسف فإن لهم جيشاً من المعجبين والمعجبات ، الذين تأثروا بهم ، وكانوا لهم أتباعاً عاشقين ، وعنهم وعن زيغهم وانحرافهم مدافعين ، ولمنكراتهم وفحشهم ناشرين ، بل إن منهم من قتل نفسه وانتحر لمّا سمع بهلاك فنانِهِ أو فنانته ، نعوذ بالله من الزيغ والضلال .
    وليسمّهم أتباعهم ما شاؤوا : سـمّـهم ما شـئت لكن عن طريق الله قد ضلوا السّـبـيلا
    ضلوا وأضلوا ، زاغوا وأزاغوا ، انحرفوا وحرفوا ، فكم وقع في شباكهم من صيد ، ومن الذي يصمد أمام فتن الشهوات المتتابعة ، بعد أن فتح قلبه لتلقيها ، وهو خلو من الديانة والخوف من الله ، فالممثل يدعو القلوب إلى فتنة الشهوات ، ويثيرها ، و ( المغني يدعوا القلوب إلى فتنة الشهوات ).( 8 ) ويهيجها ؛ ومن تأمل الواقع أدرك حقيقة الأمر وعِظم البلاء .
    ولله در القائل : إنّ المغنيَ في الضلالة غارق يـدعوا العـباد لرقية الشـيطان
    ومع تحذير نبي الأمة صلى الله عليه وسلم ، من الفساد وأسبابه ، والفتنة ودواعيها ، وتحريمه للغناء الذي هو من أعظم أسباب الفحشاء والمنكر ، إلاّ أنك تجد القوم في عصرنا قد خالفوا هذا التحذير ، وعاندوا وكابروا ، حيث رفعوا السفلة التافهين الفاسقين ، من الممثلين والمغنين وغيرهم ، وجعلوا لهم الريادة ، وأشعروا الأمة بأن لمحبي الفاحشة ومشيعيها مقاماً ومكاناً ، وأشغلوا المجتمعات بالحديث عنهم وتعظيمهم ، وهم بذلك يستمطرون العقوبة الربانية ، ويستعجلون العذاب ( فإن من يعظم المغنيات والمغنين ويجعل لهم نوع رئاسة وعز لأجل ما يستمع به منهن من الغناء وغيره فقد تعرض من غضب الله ومقته وسلب نعمه عنه إلى أمر عظيم ).( 9 ) فهل يعي الناشرون والمعظمون والمحبون والمتابعون للغناء والتمثيل عِظم ذنبهم ، وهل يدرك المسلمون خطر هذا الطوفان ، وشدة فتك هذا الداء ، وأنه أكيد المفعول ، ونتائجه ظاهرة للعيان ، فماذا أثمر التمثيل والغناء ، إلاّ خراباً في القلوب ، وعمىً في الصدور ، فإن ( الغناء يأمر بعشق الصور الذي كرهه الله وينهى عن العفة وغض البصر الذي أمر الله به ).( 10 ) ويدعوا إلى الزنا ، والتمتع بالمحرمات ، بل ربما أوقع في الكفر والردة ، ومع ذلك يقبل البعض على سماعه وإسماع البنين والبنات ، نعوذ بالله من الزيغ والضلال ، و ( أهل الغناء ناداهم منادي الشيطان حيّ على رقية الزنا ورائد الفسوق والعصيان فأجابوه بلبيك داعي الشهوات وسمسار اللذات ها نحن لدعوتك مستجيبون وفي مرضاتك مسارعون ).( 11 )


    فلا دين ولا خلق ، ولا مروءة لمحترفي الغناء والتمثيل ، وكثير من أتباعهم لهم نفس حكمهم ، إذ هو الوقوع في الفسوق والعصيان ( وعليه فلا يمتري عاقل أن التمثيل من أولى خوارم المروءة ، ولذا فهو من مسقطات الشهادة قضاءً ، وما كان كذلك فإن الشرع لا يقرّه بجملته ، ومن المسلمات أن التمثيل لا يحترفه أهل المروءات ولا من له صفة تذكر في العقل والدين ).( 12 )
    فهل يعي المسلمون هذه الحقيقة :
    هـو التمثـيل فاصنع ما تشاء فـقـد ضاع التـدين والحياء
    هدمت الأخلاق بسلاح التمثيل والغناء ، وزلزل كيان الأسرة بهذا البلاء ، وأشربت القلوب حب الباطل والمنكر بهذا الداء ، ويزعمون قاتلهم الله أنهم يعالجون مشكلات اجتماعية ، وقضايا أخلاقية ، وذلك منهم كذب وزور ؛ فهم البلاء نفسه ، دعاة الفجور ، ومروجي البغاء ، ومشيعي الرذيلة ، وهم سبب أساس في تدهور الأمة ، وتخلفها وانحطاطها ، وسفول همم كثير من المنتسبين إلى الإسلام ( سلوا التاريخ هل أفل نجمنا إلا يوم سطعت نجوم المغنين وقويت دولة الراقصات في سماء حضارتنا).( 13 )
    يقول أحد الكفار : ( كأس وغانية تفعلان في أمة محمد أشد مما يفعله ألف مدفع فأغرقوها بالشهوات ) ، فأغرقت الأمة بالشهوات ، والتمثيل والغناء هما أشد سلاح في إثارة الشهوة وإشعال لهيبها ، فسفلت الهمم ، واشتغلت الجموع بكيفية الحصول على الملذات ، والتمتع بالشهوات ، وغدا ارتكاب المحرمات أمراً هيّناً مألوفاً ، وأضحت مطاردة النساء لغرض الفساد منظراً مشاهداً معروفا ، وصار التبرج الذي يلفت اأنظار شائعاً وواقعاً محسوسا ، ولم يعد هم الإسلام يشغل قلوب كثيرين ، ولم تعد جراحات المسلمين تجد من يهتم بها فضلاً عن أن يداويها ، فإلى الله المشتكى ، وإليه المفزع ؛ فأين الذين يستنطقون صفحات التاريخ ، ويأخذون العبر ، ويتعظون ويتذكرون ، قبل حلول العذاب أو حضور الأجل .
    ( فـدع صاحب المزمار والدف والغنا وما اخـتاره عن طاعة الله مذهبا

    سيعلم يوم العرض أي بـضاعــة أضاع وعـند الوزن ما خفّ أو ربا

    ويعلم ما قـد كان فيه حياتـه إذا حـُصلت أعـمالـه كلـها هـبـا

    دعاه الهدى والغي !! من ذا يجـيبه فـقـال لـداعي الغي أهـلاً ومرحـبا

    وأعرض عن داعي الهدى قائلا لـه هواي إلى صوت المعازف قد صبا).( 14 )

    نسي كثير من الناس يوم أن وقعوا في أسر الشهوات ، وفتحوا القلوب والعقول لاستقبال الغناء والتمثيل ، وأقبلوا على متابعة القنوات ، نسوا فعلاً وواقعاً يوم العرض على الله تعالى { يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية } يناديهم المؤذن فلا يجيبون ، ويستحثهم الإيمان فلا ينهضون ، ويرون المنكرات فلا ينكرون ؛ وكيف ينكرون المنكرات وهم قد أشربوا حبها ، بل أصبحت لدى كثير منهم معروفاً ينكر على من أنكره ؛ وتعجب لانعدام حيائهم ، وعدم خجلهم ، وانقلاب مفاهيمهم ، ولكن يزول العجب حين تدرك أن قدواتهم هم الذين لا حياء ولا مروءة ولا دين عندهم ، قدواتهم الفاسقين والفاسقات ، دعاة الانحلال والرذيلة ، المغنين والمغنيات والممثلين والممثلات ، والغناء ( والتمثيل لا يكون في حبائله إلا من نزع الحياء منه ، والحياء من الإيمان ، ولا إيمان لمن لا حياء له ).( 15 ) وصدق القائل :
    إذا قلّ الحياء فقد تهاوت صروح المجد وانهدم البناء
    وكم ضللت الأمة بإطراء هذه الزمرة الفاجرة ، وتلقيبها بألقاب هي التزوير والتضليل بعينه ، فهم أبطال ، مجاهدون ، قديرون ، كبيرون ، { كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلاّ كذباً } ومن المعلوم بالضرورة لدى العقلاء أنه ( ليس من المقبول في كل الأحوال أن يكون الانحراف والجريمة بطولة وجهادا فهذا أسوأ أنواع التزوير التاريخي والحضاري والخلقي ).( 16 ) .
    ولكن كثيراً من الناس ممن حرم الهدى والنور ، قَبِل هذا التزوير وصدقه ، لأنه يوافق هواه وشهواته ، وأما المتمسك بدينه ، المعتز بإسلامه ، المراقب لربه ، فإنه يعلم أن الغناء والتمثيل طريق معوج ، طريق أتباع الشهوات ، وعبّاد الهوى والملذات ، وأن ( أقل ما في الغناء أنه من شعار الفساق وشاربي الخمور ).( 17 ) وكذلك التمثيل ، وأيضاً فإن ( الغناء رقية الزنا ومنبت النفاق وشرك الشيطان وخمرة العقل وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه ).( 18 )
    من كان في بُعد عن القرآن تجـتاحـه جحافـل الشيطان
    فـتصده عـن ربه ونجـاتـه بسماعه صوتاً مع الألحان
    وللبعض حجة ساقطة ، ألا وهي : انتشار الغناء والتمثيل ، وقلّة إعلان إنكار العلماء لهما ، بل إن هناك من يفتي بجوازهما .!
    والجواب عن هذه الحجة هو أن ( انتشار الباطل لا يمكن أن يكون مبرراً لاستمرار وجوده ).( 19) ، وقلّة إعلان إنكار العلماء لا يعني الجواز والإباحة ، أو الرضى بهذا المنكر ، فقد أنكره العلماء واستعلنوا بإنكارهم له ، ولكن تتابعت الفتن ، ورقق بعضها بعضا ، وهناك ضعف عامّ لا ينكر وجوده ، وأمّا من أفتى بالجواز ، فقد أخطأ في فتواه ، ولم يسدد في قوله ، وكَبَا بهِ لسانه ، وضلّ بسببه أمم من الناس ، والدليل على خلاف فتواه ، والحق مجانب لقوله ، والمسلم الحق يلتزم بالدليل الصحيح ، ولا يتتبع الزلات والسقطات والرخص المخالفة للحق ، فإن من تتبع رخص العلماء تزندق ، فلتكن من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه تكن من المفلحين .
    وهذا الغناء والتمثيل الذي يصب على الأمّة صباً ، له أهداف يحاول تحقيقها ، وثمار يرجو نوالها ، وغايات يأمل بلوغها ، فليس الأمر عبثاً ولا عفوياً ، ولكنه الكيد المنظم لهذا الدين وأهله ، عن طريق الغناء والتمثيل ، و ( لقد قام الفن على يد الفنانين الفتانين بالمهمة التي أسندتها الهيئات اللادينية إليهم في توصيل الأفكار الخبيثة لإفساد المسلمين ولإبعادهم عن عبوديتهم لله جل وعلا … فكل ما ترغب فيه تلك الهيئات من توصيله من أفكار لتفسد على المسلمين دينهم فإنهم يروجونها عن طريق الإعلام والفن ).( 20 ) كما أن من ينظر في تلك المنتجات المسرحية ، والأفلام والمسلسلات والأغنيات ، يدرك – إن كان من العقلاء – مدى التشويه الذي ألحق بتاريخ الإسلام والمسلمين وفتوحاتهم وعظمائهم ، وحجم ما ألحق بالأمّة في حاضرها من إشاعة الفساد ، والصدّ عن دين رب العباد ، وعظم الخدمة التي قدّمت للشيطان وجنوده وأتباعه ، وأثر هذا البلاء على نفوس أبناء الإسلام ، ( فبينا ترى الرجل وعليه سمة الوقار وبهاء العقل وبهجة الإيمان ووقار الإسلام وحلاوة القرآن ، فإذا استمع الغناء ومال إليه نقص عقله وقل حياؤه وذهبت مروءته وفارقه بهاؤه وتخلى عنه وقاره وفرح به شيطانه وشكا إلى الله تعالى إيمانه وثقل عليه قرآنه ).( 21 )
    فالله المستعان ، وعليه التكلان ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم ، فما أشد اقتحام الناس لهذا الذنب ، وتجرئهم على هذا المنكر ، وإصرارهم على مقارفته ، مع علمهم وتيقّنهم بأثره وشرّه ، وأنه داء فتّاك .! ولكنه الهوى ، والغفلة عمّن على العرش استوى ، عمّن يعلم السِرّ وأخفى ، عمّن { له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى } ولله درّ ذلك الناصح الذي يقول ( إياكم والغناء فإنه ينقص الحياء ويزيد في الشهوة ويهدم المروءة وإنه لينوب عن الخمر ويفعل ما يفعل السُـكر ).( 22 ) .
    هذا هو فعله المشاهد في هذا الزمن ، لا شك أنه يفتك بالقلوب فتكاً ، ويشعل نار الشهوة ويؤججها ، وهاهي المهرجانات الغنائية تقام هنا وهناك ، ويحضرها الرجال والنساء والأطفال ، يصفقون ويتمايلون ويتراقصون ، وتلتهب الأجساد شوقاً إلى الحرام ، وتتوق القلوب إلى نيل مراداتها ومحبوباتها ، وتشتعل الأنفس ناراً من أجل إشباع لذاتها ورغباتها ، فالقلوب والأنفس والعقول سكرى .! فماذا يحدث بعد سكر القلوب والأنفس والعقول .!!
    وإن تعجب فمن أقوام يزعمون الغيرة ، ويدّعون الرجولة ، وتراهم يدخلون نسائهم وبناتهم وأبنائهم الغناء والتمثيل ، بل والقنوات الفضائية (ولا ريب أن كل غيور يجنب أهله سماع الغناء كما يجنبهن أسباب الريب ، ومن طرّق أهله إلى سماع رقية الزنى فهو أعلم بالإثم الذي يستحقه ).( 23 ) فكيف لا يغار هؤلاء على أعراضهم ، وكيف يفرطون بالسماح للمفسدين والمفسدات بالدخول إلى بيوتهم ، وتربية نسائهم وأبنائهم وبناتهم ، عبر الشريط والشاشة .؟! فأين العقلاء ، وأين الحكماء ، وأين المستمسكون بالكتاب والسنة .!! أخدعوهم باسم الفنّ .؟! فأي فنّ يدعيه المغنون والممثلون ، وفنّهم يقوم بتقديم الفجور ، وإشاعة السفور ، ونشر الفاحشة والرذيلة ، وإزهاق الطهر والعفاف ، وقتل الغيرة ، ووأد الحشمة ، وسحق الفضيلة (كما يقوم دور الفن بترويج الإلحاد والإباحية بعلماء الدين عن طريق الأفلام السينمائية والتمثيليات والمسرحيات ، مما يشكل خطرا على عقيدة المسلمين فيسبب جرحا في فطرتهم الموحدة وخدشا في حيائهم … حتى إذا ما رأى الناشئ هذه الموبقات على شاشة التلفاز أو السينما أو المسرح ، اشتاقت نفسه إليها وإلى محاكاة ما يرى ويسمع ، فيصبح الفسق في المجتمع أمرا واقعيا اعتاده الجميع إلا من رحم ربك ، والذي يخرج عمّا ألفه الناس من الفسق والفجور يعتبر شاذا متشددا ).( 24 ) وهكذا ينقلب المنكر معروفاً والمعروف منكراً ، وتنتكس الأفهام ، وتتردى العقول ، وتطمس القلوب وتعمى { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } وهذا الإنحراف عن الحق ، والركون إلى الباطل ، واتباع الشهوات ، وارتكاب الموبقات ، هدف أساس من أهداف الفنّ والقائمين عليه ، وأعمالهم شاهدة عليهم ، ومتى تحقق لتلك الزمرة الفاسقة ما تصبوا إليه ، ولم تجد من يوقفها عن المجاهرة بفسادها وإفسادها ، فعند ذلك يوشك العذاب أن ينزل ، والعقوبة أن تحلّ ، والبلاء أن يقع ؛ يقول أحد العلماء - رحمه الله – (والذي شاهدناه نحن وغيرنا وعرفناه بالتجارب أنه ما ظهرت المعازف وآلات اللهو في قوم وفشت فيهم واشتغلوا بها إلا سلّط الله عليهم العدو وبلوا بالقحط والجدب وولاة السوء ).( 25 ) .
    فمن يعقل هذا ويتدبره ويفهمه .؟! ويعود إلى ربه ويتوب إليه ، فيرحمه ويكرمه ، وينجو بنفسه وأهله ورعيته من عقوبةٍ وعذابٍ لا قِبَل له ولهم به .
    وإن الناظر في ثمار الغناء والتمثيل ، يجد حقائق واضحة ، يراها ويشاهدها ( فلعمر الله كم من حرّة صارت بالغناء من البغايا وكم من حرّ أصبح به عبدا للصبيان أو الصبايا ).( 26 )
    فأين المعتبرون الحريصون على أنفسهم ونسائهم وأبنائهم وبناتهم ومجتمعات المسلمين ..؟!
    ( فسل ذا خبرة يـنـبـيك عـنه لتعلم كم خبايا في الزوايا
    وحاذر إن شغفت به سهاما مريـّشة بأهداب المنايا
    إذا ما خالطت قـلبا كئـيـبا تمزّق بين أطباق الرزايا


    ويصبح بعد أن قد كان حرا عفيف الفرج عبدا للصبايا ). ( 27 )

    صدق والله ، كم حرٍّ أصبح بعد أن سقط في شَرَكِ الغناء والتمثيل والصور ، عبداً لشهوته ، عبداً للذته ، عبداً لهواه ، عبداً لنفسه الأمّارة بالسوء ، همّه الأوحد وصال محبوبه ، ومبلغ علمه نيل مطلوبه ، ومنتهى أمله رؤية ذاك أو تلك ، في غفلةٍ عن خالقه وموجده ، ونسيانٍ لعبادته وآخرته ، أذنه لا تكف عن سماع الحرام ، وعينه تزني وتتلذذ ، وربما كان الخمر له شراباً ، فاجتمع عليه الشر وفتحت عليه أبواب الهلاك ، فإنّ ( أعظم محركات الهوى ودواعيه ثلاثة أشياء تسكر الروح : النظر واستماع الغناء وشرب الخمر ، فهذه الثلاثة هي أقوى أسباب العشق والفجور ، والنفس الأمّارة محبّة لها مؤثرة لها ، فجاء الشيطان إلى النفوس ودعاها من هذه الأبواب الثلاثة ).( 28 ) فهناك من دخل من بعضها ، وهناك من دخل منها كلها ، وكلهم نال من الشر والذنوب نصيباً ، طاعة للشيطان ، وعصيان للرحمن { وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم } فلا نصيحة تقبل ، ولا طلب للحق ، ولا توبة من ذنب ، وهذه الحال هي بسبب الإصرار على الذنوب والمعاصي ، وخصوصاً الغناء والتمثيل ، إذ أنّ تأثيرهما على النفوس كبير ( فإن الصوت والصورة أسرع تأثيرا في النفوس من النار في يابس الحطب ).( 29 ) ومن الكذب البيّن زعم بعضهم أنه لا يتأثر .! فإن الواقع المشاهد يدل على عظم تأثير الغناء والتمثيل في النفوس ، وإفسادهما للقلوب ، وهدمهما للأخلاق ، وقتلهما للحياء ، وتدميرهما للعفة ، ونسفهما للوقار والحشمة ، زد على ذلك : التنفير من الطاعة ، والانصراف عن الاستعداد ليوم الدين ، وقلّة ذكر الله ، والكسل عن العبادة ، و ( من علامات النفاق قلة ذكر الله والكسل عند القيام إلى الصلاة ونقر الصلاة ، وقلّ أن تجد مفتونا بالغناء إلا وهذا وصفه ).( 30 )
    أللغناء وللأفلام تـنطلق وللصلاة همّ جارف قلق
    وذكر ربك منسي ومنتهر هلاّ انتبهت فللنيران تستبق



    فكيف تستجيز أمّة تحترم دينها ، وتخشى خالقها ، وتطلب عزّها ، وترجو دوام أمنها ، وتسعى في زيادة رخائها ، أن تفتح الأماكن التي تعلن عن نشر ما حرم الله ، من أشرطة سمعية ومرئية ، فقد كثرت أماكن بيع الغناء والأفلام ، ولا منكر إلاّ من رحم الله ، ويستعلن بهذا الأمر ، بل و تأتي النساء بلا حياء إليها ، وأعظم من ذلك السماح لتلك الأماكن التي تبيع الأطباق الهوائية ، التي يستقبل عبرها الغناء والتمثيل ، والندوات التي تبث الشبه ، وتشكك في الدين ، بل وتبث الفاحشة عن طريقها ، يستقبلها من شاء بثمن بخس زهيد ، وهذا مؤذن بليل بلاء قد ادلهم ظلامه ، وبسيل عذاب قد انعقد غمامه ، إن لم يُتب إلى الله تعالى ، ويُقلَع عن هذه المجاهرة بالفساد والمنكر ، ويُكَف عن صرف الأموال عليها ؛ هذه الأموال التي تصرف على الغناء والتمثيل وأهله وأماكنه مكَّنتهم من الاستمرار في بث فسادهم ، ونشر باطلهم ، وترويج خبثهم ، وتكثيف جهودهم ، وكسب أتباع لهم ، وأنصارٍ لدعوتهم ( وللأسف الشديد فإن أهل الفن صاروا يملكون من المال الحرام ما يمكنهم من الإنفاق والصرف الباذخ على إنتاج أفلام ومسلسلات ومسرحيات يحققون من خلالها التعاطف مع الانحراف والمودة مع الإثم وقبول التزوير التاريخي والحضاري ).( 31 ) والعاقل يدرك أن هناك هدفاً كبيراً ، ألا وهو إبقاء المسلمين في سبات وغفلة وغيبوبة ، ومنعهم من الاستيقاظ ، وجعلهم يلهثون خلف الشهوات المحرمة ، ويحرصون على ارتكابها ، ويعيشون حياةً بهيمية .
    وتنطلق بين وقتٍ وآخر توبة مغنٍّ أو ممثل ، من الذكور والإناث ، تـُـعـلِـنُ حقيقة الفنّ ، وتـُـعرّي جرائمه ، وتوضح فساده ، وأنه معول هدمٍ في المجتمع ، وأداة تخريب لمبادئه وقيمه ، وهي وإن كانت حالات قليلة ، إلاّ أنها تعطي دلالة على نتن مستنقع الفن الآسن ، الذي يجب على أهله التوبة منه إن كانوا من المسلمين ( ومن أي شيء لا يتوب أهل الفن إن معظم أعمالهم تنطق بالإثم والجريمة في حق الأمة فضلا عن الدين ).( 32 ) ويجب كذلك على المسلمين التوبة إلى الله توبة صادقة نصوحاً ، إذ كيف يجلبون الدمار والخراب إلى مساكنهم ، ويخربون بيوتهم بأيديهم ، فهلاّ هل راقبت ربك أيها المسلم والمسلمة فيما جلبته إلى أهلك من تلفاز وغيره من قنوات تبث الإثم والجريمة .! كفى خداعا للنفس وتبريرا للمنكر ، بأنّ فيه برامج مفيدة .. و.. و..إلخ !!
    فإن دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة . والله سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
    ولو طبقت الشريعة الإسلامية في حق هؤلاء المغنين والممثلين – ذكوراً وإناثاً – لكان حقهم في أقل الأحوال ، ن تسفل رايتهم ، وأن يتم تأديبهم ، وأن يلزموا جحورهم ، وأن لا يكون لهم على أمة الإسلام طريق ، ( فلماذا يسجنون لصوص المتاع ويطلقون الحرية للصوص الشرف والسعادة الزوجية والعائلية ).( 33 ) لماذا تطلق الحرية للصوص الشرف ودعاة الرذيلة ومشيعي الفاحشة ومصادمي الشريعة ليعيثوا في الأمة فسادا وهدما وتخريبا !! فلئن كانت لهم الحرية مطلقة ، فعليك أيها المسلم ألا تطلق لهم الحرية في بيتك ليفسدوه ويخربوه وأهله ، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته.
    وهذا الفن يمثل مصدر ضعف ووهن ، ومنبع شر وجريمة وفتن ، وسبب لبلاء الأمة وهزيمتها ، وفي التاريخ ( لم تهزم أمة أخرى بالفن ولكنما هزمتها بالقوة ، ومن التضليل أن يعتبر الفن من وسائل القوة ).( 34 ) وفي هذا العصر نرى هذا التضليل يمارس على نطاق واسع في هذه الأمة المسلمة ، حيث لا يخلو وقت من أغنية أو تمثيل ، فالسينما والأفلام والمسلسلات والمسرحيات والأغنيات ، تبث ليل نهار ، عبر المذياع والشاشة ، وإن ( إن انتشار التمثيل بصفته التي تشاهد وتسمع كل يوم وليل يمثل ظاهرة اعتلال في الأمة ونهم في اللهو واللعب ووهن في الدين وفراغ من العلم وعجز عن تحصيله وتحطيم للأمة في قوتها ووقتها وتنمية طاقاتها ومواهبها فما هي إلا وسيلة عدوان على الأمة وتخطيط رهيب لتعيش سادرة تخوض فيما لا ينفعها في دينها ولا في دنياها بل هو ضرر محض عليها في الدين والدنيا ).( 35 ) فحدث بهذا أبناء الإسلام وبناته ، وقل لهم : انظروا إلى واقعكم ، إلى حياتكم ، إلى همومكم ، إلى آثار هذا الطوفان عليكم ، ألستم ترونه يهوِّن ارتكاب الفواحش ، ألستم ترونه يدعو إلى العلاقات المحرمة ، ألستم ترونه يهيج النفوس لترتوي من مستنقع الرذائل ، ألستم ترونه ينزع الحياء ، ألستم ترونه يدعو إلى البغاء ، ألستم ترونه يزين الضلال والباطل ، ألستم ترونه يحسن القبيح والمنكر ، ألستم ترون أنه يخف على القلوب الغافلة سماعه بل تطلب منه المزيد ،في حين أنها تنفر من سماع القرآن الكريم وتستثقله ، ولا تستكثر منه ، فـ ( لا تجد أحدا عني بالغناء وسماع آلاته إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى علما وعملا وفيه رغبة عن استماع القرآن إلى استماع الغناء بحيث إذا عرض له سماع الغناء وسماع القرآن عدل عن هذا إلى ذاك وثقل عليه سماع القرآن وربما حمله الحال على أن يسكت القارئ ويستطيل قراءته ويستزيد المغني ).( 36 )
    أتهـدي للبنات شريط فـسـق تعـرضهم لأخلاق الفـسادِ
    وتجـلب للبـيـوت بكل رفق دشـوشا للرذيـلة كم تـنادِ
    أترجـو الخـير ممـا أنت تسقي أأعـنـابا من الشوك الحصادِ
    من زرع حصد ، والأمة تجني ثمار زرعها ، فالإعلام زرع أشواكاً ، وهاهي الأمة تجني أشواكاً لا عنباً وتيناً ، فهذه التربية الإعلامية قد آتت ثمارها { والذي خبث لا يخرج إلاّ نكداً } فلعدم تطبيق الشريعة الإسلامية ، وتنحيتها عن الحكم ، وعدم الالتزام بالشرع في وسائل الإعلام ، أصبحت ترى أفواج الباحثين عن الشهوات والملذات ، اللاهثين ورائها في الطرقات والأسواق وغيرها ، مستعلنين بذلك ، غيرآبهين برب يراهم ويعلم سرهم ونجواهم ، ولا مبالين بخلقٍ ينظرون إليهم ويشاهدون أفعالهم وأعمالهم القبيحة ، وهذا كله نتيجة اتّباع الكفار من اليهود والنصارى وأتباعهم ، الذين يسعون للقضاء على الإسلام ، وإفساد أبنائه ، وإشاعة الفاحشة في المجتمعات الإسلامية ، ليتحقق لهم إطفاء نور الله { يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون } ولليهود الدور الأكبر في إشاعة الفاحشة ، وإفساد البشر ، حيث إن ( إفساد الإنسان وانهيار أخلاقه بغرض السيطرة عليه مخطط تخريبي يهودي ).( 37 ) وهو كذلك مخطط تخريبي لأتباعهم ومنافقي الأمّة ..!
    فإبعاد الأمة عن دينهم ، وعن الكتاب والسنة ، هدف نجح أعداء الأمّة في تحقيقه نجاحاً باهراً ، وأنت ترى كيف ترتفع أصوات الغناء في كل مكان بلا حياء ولا خجل ولا وجل ، بل أصبح الغناء وكأنه شعارٌ للأمّة وجزءٌ من حياة المسلم ، من تركه عُـدَّ من المتشددين المنفرين الغالين .


    ( ثقل الكتاب عليهم لما رأوا تـقييده بـأوامر ونواهـي
    وعليهم خف الغنا لما رأوا إطلاقه في اللهو دون مناهي ).( 38 )
    و المصيبة أنّ الناس لا ينظرون في العواقب ، ولا ينتفعون بتذكرهم للجنة والنار ، إذ يصرون على هذا المنكر ، ويستمرون عليه ، ولا يحسبون لغضب الله وسخطه حساب ، ولا يتدبرون كتاب الله تعالى ، ليجدوا أن كفر النعم ، والمجاهرة بالمعاصي ، سبب رئيس للهلاك والعذاب { وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد } و ( التاريخ يحفظ في سطوره أن الهيام في المضحكات والترفيهات من علائم الانحطاط وانقراض الدول ).( 39 ) فالتقدم والازدهار والأمن لا يكون إلاّ بالتمسك بالشريعة الإسلامية وتطبيقها حقيقة وواقعاً ، في النفس والمجتمع ، في كلِّ شؤون الحياة ، وأما الانكباب على الملذات والشهوات ، واتباع الهوى والسيئات ، فعواقبه وخيمة ، ونتائجة مؤلمة ، وفي القرآن الكريم بيان وذكر لأمم انحرفت عن الصراط المستقيم ، وكفرت بأنعم الله { وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون } فأين الذين يتدبرون القرآن ، أين الذين يتذكرون ويتفكرون ، ويجتنبون أسباب هلاك الأمم ، وزوال النعم ، وحلول النقم ، ويسارعون في طاعة الله سبحانه ، ويبعدون الغناء والتمثيل ، ويمنعون كلّ محرم ، فإن هذه المنكرات سبب رئيس لنزول البلاء ، وسخط رب الأرض والسماء ( ولله كم زالت بهؤلاء نعمة عمن أنعم الله عليه فما رعاها حق رعايتها ، وقد شاهد الناس من ذلك ما يطول وصفه ، وما امتلأت دار من أصوات هؤلاء وألحانهم وأصوات معازفهم ورهجهم ، إلا وأعقب ذلك من حزن أهلها ونكبتهم وحلول المصائب بساحتهم ما لا يفي بذلك الشرور من غير إبطاء !! وسل الوجود ينبيك عن حوادثه والعاقل من اعتبر بغيره ).( 40 ) فهل من معتبر قبل نزول العذاب ، أوفوات الأوان وحلول الأجل ، فالأعمار تنقضي ، والأوقات تصرف فيما يغضب الله تعالى ، من غناء وتمثيل ، وبغاء ومنكر ، حيث إن كثيراً من أبناء هذه الأمة يقبعون خلف التلفاز والبث الفضائي ( أبصار شاخصة وألباب فارغة تستلهم جميع برامجه فتمتص من دينه ومقومات حياته بقدر ما يبث فيها ويستلهمه هذا المسكين والله المستعان ).( 41 ) وبعد ذلك نطمع بالعز والعزة ، والنصر على الكفار ، واسترداد المسجد الأقصى ، ونتمنى اللحاق بالرعيل الأول ، خير جيل عرفته البشرية ..!!
    ساروا وسرنا فلم نلحق بركبهمُ سرنا لدنيا وللأخرى هُـمُ ساروا
    وكيف نبتغي العزة ، وترتقي الأمة ، ويصلح حالها ، وهي تصبح وتمسي ، والغناء الذي ينبت النفاق في قلوب أبنائها ، يملأ سمائها ، ويغطي أرضها ( قال ابن مسعود – رضي الله عنه - : ( الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل ). وهذا كلام عارف بأثر الغناء وثمرته ، فإنه ما اعتاده أحد إلا نافق قلبه وهو لا يشعر ، ولو عرف حقيقة النفاق وغايته لأبصره في قلبه ، فإنه ما اجتمع في قلب عبد قط محبة الغناء ومحبة القرآن إلا طردت إحداهما الأخرى ).( 42 ) فلا يجتمع في القلب حب الغناء وحب القرآن ، ومتى استقر في القلب حب الغناء ، فهو مسودّ محب للباطل والمنكر والفحشاء ، واقع في الذلة ، تسلط عليه الأعداء ، خانع خاسر خائب ، ومتى استقر في القلب حب القرآن ، فهو قلب منشرح مطمئن بذكر الله ، يشع منه نور الهدى والحق ، معتز بدينه ، منابذ للكفار وأعداء الدين ، مبغض للمفسدين والمنافقين ، فرحم الله قوماً استعدوا لآخرتهم ، وتفقدوا قلوبهم ، واجتنبوا ما فيه ضلالهم وهلاكهم وخسرانهم وبعدهم عن ربهم ، وكانوا مع الفائزين ، إذ أنهما فريقان ، أهل الغناء وأهل القرآن ، وبينهما تنافر وتضاد ، فكلاهما لا يجتمع مع الآخر إلاّ إذا تخلى عمّا معه ، والله سبحانه وتعالى ( امتحن أهل الغناء بأهل القرآن ، وأهل القرآن بأهل الغناء ، وابتلى كل واحد من الفريقين بالآخر ، فلا يصطلحان إلا إذا ترك أحدهما ما عنده لما عند الآخر ).( 43 ) فماذا سيختار المرء العاقل لنفسه : القرآن وطاعة الرحمن ، أم الغناء والعصيان واتباع الشيطان ..؟!
    إن الغناء والتمثيل شرّ وبلاء ، وداء يفتك بالهمم والنفوس ، وسلاح لإفساد الأمم ( وإن ما في التمثيل من عظات وفضائل مزعومة ، فهي ضائعة في حلبة تلك الملهيات التي توقظ نائم الأهواء وتحرك ساكن الشهوات كما ينطق به الواقع المرير لتمرير الفحش والخناء ، والفسوق والعصيان ، وتهديم البيوت داخل أسوارها ، فهو يمثل مخاطر على العقائد والأخلاق والفضائل والآداب).( 44 )
    فأي جريمة ترتكب ضد الأمة الإسلامية باسم الفن ، وأي تزوير وهدم وتدمير يقدم لأمة الإسلام عبر وسائل الإعلام ، زد على هذا أن ( أجهزة الإعلام تجعل من أتفه الناس وأجهلهم مشهورين ، ومن أخلص الناس وأعلمهم مغمورين ).( 45 ) وهذه حقيقة معروفة مشاهدة ، فالعلماء والدعاة الربانيون لا مكان لهم في تلك الأجهزة ، بل هم محاربون من قِبَلِها ، وأما أتفه الناس وأجهلهم ، أهل الغناء والتمثيل ، من الفاسقين والفاسقات ، والكافرين والكافرات ، فالباب مفتوح لهم على مصراعيه ، والتمجيد والثناء يكال لهم بلا حساب ، مع أن فسادهم وإفسادهم لا ينكره عاقل مستنير بنور الوحيين ( فوالله إن بلية الإسلام بهؤلاء من أعظم البلايا … كم أفسد بالسماع من قلب وكم سلب من نعمة وكم جلب من نقمة وكم ركب به من فرج حرام وكم استحل به من المحارم والآثام وكم صد عن ذكر الله وعن الصلاة وكم قطع على السالكين سبيل النجاة وكم تهافت به فراش العقول والأحلام في الجحيم وكم فاتها به من حظها من الله وجنات النعيم ).( 46 )
    تساقط البعض في فحشٍ وفي عفنٍ وصار واقـعنا حقاً يبكِّـينا
    عقوبة الله في أمـنٍ وفـي سكنٍ في غفلة القوم تأتي لا تحابـينا
    إن الله تعالى يغار ، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرّم الله ، إن الله تعالى يغضب إذا انتهكت محارمه ، فأين العقلاء ، الذين يدركون خطورة الإصرار على معصية الله وعلى حربه سبحانه وتعالى .
    ( إن الرذيلة داء شرّه خـطر يعدي ويمتد كالطاعون والجـرب
    أسموا دعارتهم حرية كذبا باعوا الخلاعة باسم الفن والطرب ).( 47 )
    إن ( لذة الضالين في الإغواء والإفساد ).( 48 ) وإن مرادهم نشر الرذائل ، وإشاعة الفاحشة ، والتمتع بالحرام ، وهدم العقيدة الصحيحة ، وتشويه التأريخ ، وإسفال الهمم ، حتى يتحقق لهم ما يريدون ، و ( يوم تتهاوى صلة الناس بعقيدتهم وبتاريخهم وبأهدافهم تتلاشى كل مقومات بقائهم بكرامة ).( 49 ) وهذا الذي يريده أعداء الإسلام من يهود ونصارى ومنافقين ، ويسعون إلى تحقيقه بكل طاقاتهم ، ويعملون له بجهود كبيرة ، ويستثمرون كل ما تصل إليه أيديهم في سبيل الوصول إليه ، رد الله كيد الكائدين في نحورهم ، وأقر أعيننا بنصر الإسلام وعز المسلمين ، وجعلنا من دعاة الحق وأنصاره ، وردنا والمسلمين إليه رداً جميلاً .
    هذا وإنّ ( مما يجب التنبه له والتحذير والحذر منه : أنّ على من بسط الله يده ، أن يكف عن المسلمين تلك السموم التي تقذف بها بعض القنوات الإعلامية في بعض البلاد ، وعلى وجه الخصوص ذلك التركيز الخبيث على تغريب المجتمعات المسلمة في أخلاقهم ، ولباسهم ، وغدوهم ورواحهم ، وبخاصة إخراج المرأة من عفتها وطهارتها وحجابها ، إلى أحط دركات السفالة والتبذل والحيوانية ، في شتى وجوه الإباحية . وتعمل تلك القنوات جاهدة على التشكيك في الاعتقاد الإسلامي الحق ، والاعتراض على أحكام الله المحكمة ، والسخرية بالله وآياته ورسوله ، والدعوة للإباحية والانسلاخ من الدين ، وتمكين المنافقين بإعلان ما يحيك في صدورهم ، ومجاهرة المضلين بمقالات الكفر ، والتشكيك ، والردة عن الدين ، كل ذلك باسم : حرية الفكر !! المناظرات المحايدة !! معرفة الرأي الآخر !! قاتلهم الله أنى يؤفكون .
    ألا فليعلم أولئك – إن كان لهم عقول ويحبون لأنفسهم النجاة – أنّ من فتح ذلك الباب ، أو أعان عليه ، أو رضي به ، فله نصيب من قول الله تعالى :{ قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون ، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } . وقول الله جل شأنه :{ وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا } وقوله سبحانه :{ إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة } . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في أثناء كلامه على هذه الآية : [ وهذا ذم لمن يحب ذلك ، وذلك يكون بالقلب فقط ، ويكون مع ذلك باللسان والجوارح ، وهو ذم لمن يتكلم بالفاحشة أو يخبر بها محبة لوقوعها في المؤمنين : إما حسدا أو بغضا ، وإما محبة للفاحشة وإرادة لها ، وكلاهما محبة للفاحشة وبغضا للذين آمنوا فكل من أحب فعلها ذكرها ] . وقال أيضا مستنبطا من أسرار التنزيل ما يعزّ نظيره : [ فكل عمل يتضمن محبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا داخل في هذا ، بل يكون عذابه أشد ، فإن الله قد توعد بالعذاب على مجرد محبة أن تشيع الفاحشة بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة ، وهذه المحبة قد لا يقترن بها قول ولا فعل ، فكيف إذا اقترن بها قول أو فعل ..! بل على الإنسان أن يبغض ما أبغضه الله من فعل الفاحشة والقذف بـها وإشاعتها فـي الذين آمنوا ، ومـن رضي عمل قوم حشر معهم ] .).( 50 ) رحم الله شيخ الإسلام رحمة واسعة ، فماذا عسانا نقول سوى : ما أكثر محبي إشاعة الفاحشة في زماننا ، وما أكثر المشيعين لها بقول أو بفعل ، وما أكثر معاونيهم ، رد الله ضال المسلمين إلى الحق ، وهداهم لما فيه نجاتهم وفلاحهم في دنياهم وآخرتهم ، هذا وإن من الخير لكل مسلم ومسلمة الاستجابة لنداءات الله سبحانه ، والإقبال على ما ينفعهم ، والحرص على وقاية أنفسهم وأهليهم ورعاياهم نارا وقودها الناس والحجارة ، و ( إذا أشكل على الناظر أو السالك حكم شيء : هل هو الإباحة أو التحريم ؟ فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته، فإن كان مشتملا على مفسدة راجحة ظاهرة ، فإنه يستحيل على الشارع الأمر به أو أباحته ! بل العلم بتحريمه من شرعه قطعي ، ولا سيما إذا كان طريقا مفضيا إلى ما يغضب الله ورسوله ).( 51 ) فهل ينظر من أدخل التلفاز والقنوات الفضائية والأشرطة الغنائية وغيرها من وسائل الفساد والإفساد على رعيته وأهله إلى ما تحويه من سموم مهلكة ، وما تبثه من شبه وشهوات وفتن !! وأما احتجاج البعض بأن هناك منافع وفوائد من تلك الوسائل ، فيقال لهم أين أنتم عن قوله تعالى : { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما }. فعلى الرغم من أن في الخمر والميسر منافع إلا أن الله سبحانه حرمهما . ولا شك ولا ريب بأن مشاهدة ومتابعة ما تعرضه تلك الأجهزة مما يغضب الله جل وعلا لا يَحِلُّ ولا يجوز ، ولا يخلو من يشاهدها ويتابعها من الوقوع في المحظور ، ثم أين هي تلك الفوائد والمنافع في واقع الأمة وأين ثمارها الطيبة ، سواء داخل البيوت أم خارجها ، فلينصح كل منا لنفسه ، وليتق ربه ، وليحسن رعاية أهله ، وليبذل جهده في إبعاد وسائل الفساد عنهم ، وليحاول إيجاد البدائل لها ، وليحرص على تربيتهم على الكتاب والسنة ، لا على أجهزة الشبه والشهوات والفتنة .
    وأخيرا أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، أن يوفقنا للاستقامة على دينه ، وأن يهدينا والمسلمين والمسلمات لما فيه صلاح دنيانا ، ونجاتنا في أخرانا ، وأن يجمع على الحق قلوبنا ، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأن يقيض لهذه الوسائل الإعلامية من يصيرها خادمة للدين ، ناصرة للتوحيد والموحدين ، نابذة ومحاربة للمنافقين والكفار والمفسدين ، وأن يطهر مجتمعاتنا وبيوتنا من الفساد ووسائله ، وأن يصلح المسلمين أجمعين رعاة ورعايا .. وأن يقمع أهل الزيغ والفساد ، وأن يفضح المنافقين والمفسدين ، وأن ينتقم من الطواغيت ، وأن يبرم لهذه الأمة أمراً رشداً ، يعز فيه أهل طاعته ، ويذل فيه أهل معصيته ، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر ويقام فيه علم الجهاد ، وأن يفرج عن المأسورين والمستضعفين من المسلمين في كل مكان ، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين … وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .[/
    b]


    إعداد : شريف بن علي الراجحي

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.05.24 18:01