منتديات ضواء القمر
قصة امرأة.إعداد عبد الله بن راضي المعيدي
المصدر/موقع الكتيبات الإسلامية
طبع/دار القاسم
.
باسم الله نبدأ
اللهم لك الحمد لكن أجله وأعظمه، ولك الشكر لكن أحسنه وأجمله، ولك الثناء لكن أكمله وأتمه، ولك المدح لكن أبلغه وأحلاه.
والصلاة والسلام على الصفوة المصطفى، والأسوة المرتضى ،والسيف المنتضى، والإمام المجتبى، ما حدث نوق وقام سوق، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أسره إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذه قصة امرأة مباركة... سطرها التاريخ بأحرف من ذهب... وتناقلتها الرواة بأشد ما يكون العجب!!.. امرأة جادت بنفسها.. وأرخصت روحها.. يوم أن ذاقت طعم الإيمان.. وزاد الشوق للرحمن.
هي قصة أهديها للأخت المسلمة.. والجوهرة المصونة. والدرة المكنونة.. في زمن زاد فيه تيه كثير من النساء.. وانتشر فيه الضياع..
فإليك أنت فقط.. نعم إليك أنت.. يا أمة الله.. يا مربية الأجيال.. يا صانعة الرجال.. إليك هذه القصة.. وتلك الكلمات.. وهذه العاطفة الصادقة.. سائلاً الله تعالى لك شرف الدنيا وعز الآخرة، وأن يحفظك أينما كنت وأن يجعلك كعائشة العالمة، وأسماء القوامة، وحفصة الصوامة..
فتلك سفينة الطهر.. ومركب العفاف.. فاركبيها.. فإن مرساها في الجنة بإذن الله تعالى..
وكتبه
أبو عبد الرحمن عبد الله بن راضي المعيدي الشمري
المدرس بالمعهد العلمي في حائل
ت/5390305/06
AR msh 1426
* * * *
جلس الرسول صلى الله عليه وسلم يومًا في المسجد وأصحابه حوله كالقمر وسط النجوم في ظلام الليل، يعلمهم يؤدبهم.. يزكيهم..
اكتمل المجلس بكبار الصحابة وسادات الأنصار وبالأولياء والعلماء.
وإذا بامرأة متحجبة تدخل من باب المسجد.. فسكت عليه الصلاة والسلام، وسكت أصحابه.. وأقبلت رويدًا.. تمشي وجلاً وخشية.. رمت بكل مقاييس البشر وموازينهم.. تناست العار والفضيحة.. لم تخش الناس.. أو عيون الناس.. وماذا يقول الناس.. أقبلت تطلب الموت.. نعم تطلب الموت.. فالموت يهون إن كان معه المغفرة والصفح.. يهون إن كان بعده الرضا والقبول.. حتى وصلت إليه عليه الصلاة والسلام ثم وقفت أمامه وأخبرته بأنها زنت!! وقالت: (يا رسول الله أصبت حدًا فطهرني).
ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ هل استشهد عليها الصحابة؟ هل قال لهم: اشهدوا عليها؟ لا، احمر وجهه حتى كاد يقطر دمًا.. ثم حول وجهه إلى الميمنة، وسكت كأنه لم يسمع شيئًا.
حاول الرسول صلى الله عليه وسلم أن ترجع المرأة عن كلامها ولكنها امرأة مجيدة، امرأة بارة، امرأة رسخ الإيمان في قلبها وفي جسمها.. حتى جرى في كل ذرة من ذرات هذا الجسد.. فقالت – واسمع ماذا قالت -: أراك يا رسول الله تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك، فوالله إني حبلى من الزنا..!! فقال صلى الله عليه وسلم: «اذهبي حتى تضعيه».
ويمر الشهر تلو الشهر.. والآلام تلد الآلام.. حملت طفلها تسعة أشهر.. ثم وضعته.. وفي أول يوم أتت به وقد لفته في خرقة.. وقالت: يا رسول الله، طهرني من الزنا.. ها أنا وضعته فطهرني يا رسول الله. فنظر إلى طفلها. وقلبه يتفطر عليه ألمًا وحزنًا.. فهو الرحمة للعصاة، والرحمة للطيور، والرحمة للحيوان.. قال بعض أهل العلم: بل هو صلى الله عليه وسلم رحمة حتى للكافر قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.
من يُرضع الطفل إذا قتلها؟ من يقوم بشؤونه إذا أقام عليها الحد؟ فقال: «ارجعي فإذا فطمتيه فعودي إلي» فذهبت إلى بيت أهلها، فأرضعت طفلها، وما يزداد الإيمان في قلبها إلا رسوًا كرسو الجبال.
وتدور السنة تعقبها سنة.. وتأتي به وفي يده خبز يأكله تقول: يا رسول الله قد فطمته فطهرني.. عجبًا لها ولحالها!! أي إيمان هذا الذي تحمله.. ما هذا الإصرار والعزم.. ثلاث سنين تزيد أو تنقص.. والأيام تتعاقب.. والشهور تتوالى.. وفي كل لحظة لها مع الألم قصة.. وفي عالم المواجع رواية..
ثم أتت بالطفل بعد أن فطمته.. وفي يده كسرة خبز.. وذهبت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قالت: طهرني يا رسول الله.. فأخذ صلى الله عليه وسلم طفلها وكأنه سل قلبها من بين جنبيها.. لكنه أمر الله.. العدالة السماوية.. الحق الذي تستقيم به الحياة..؟
قال عليه الصلاة والسلام: «من يكفل هذا وهو رفيقي في الجنة كهاتين».
ويؤمر بها فتدفن إلى صدرها ثم ترجم.. فيطيش دم من رأسها على خالد بن الوليد.. فسبها على مسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: «مهلاً يا خالد؛ والله لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لقبلت منه» وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم: «أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها، فقال عمر : تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد تابت توبة، لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى؟».
سبحان الله!! ما الذي جعلها تفعل هذا كله؟
إنه الخوف من الله.. إنها الخشية من مؤمنة وقعت في حبائل الشيطان واستجابت له في لحظة ضعف.. نعم أذنبت.. ولكنها قامت من ذنبها بقلب ممتلئ بالإيمان.. ونفس لسعتها حرارة المعصية.. نعم أذنبت.. ولكن قام في قلبها مقام التعظيم لمن عصت.. إنها التوبة يا أختاه.. نعم إنها التوبة يا أختاه..
ووالله يا أمة الله.. ما سقت لك هذه القصة تهييجًا لعواطفك.. ولا استدرارًا لدمعتك.. أو استثارة لمشاعرك.. كلا.. كلا.. ولكن لتعلمي أن لهذا الدين.. أبطالاً يحملونه.. يضحون من أجله.. يسحقون لعزه جماجمهم.. ويسكبون دماءهم.. ويقطعون أجسادهم..
ولئن كان كفار الأمس أبو جهل وأمية عذبوا بلالاً وسمية، فإن كفار اليوم لا يزالون يبذلون.. ويخططون ويكيدون.. في سبيل أن يسلبوا عزك وشرفك.. فاحذري من أن تكون فريسة لتلك الذئاب البشرية.
أختاه، تأملي في قصة هذه المرأة.. كيف جادت بنفسها.. فلله درها ما أعظم ثباتها.. وأكثر ثوابها!!
الله أكبر.. رجمت.. تعبت.. تألمت.. لكنها استراحت كثيرًا.. مضت هذه المرأة المؤمنة إلى خالقها.. وجاورت ربها.. ويرجى أن تكون اليوم في جنات ونهر.. في مقعد صدق عند مليك مقتدر.. وهي اليوم أحسن منها في الدنيا حالاً... وأكثر نعيمًا وجمالاً.. وعند البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحًا.. ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها».
ثبتت على دينها برغم الفتنة العظيمة التي أحاطت بها.
ومن هنا.. قارني – يا رعاك الله – بين حال هذه المرأة.. وحال كثير من فتياتنا.
فعجبًا والله لفتيات لا تستطيع إحداهن الثبات ولو على إقامة الصلاة.. عجبًا لفتيات لا تستطيع إحداهن ترك المحرمات.. من نظر لتمثيلية ساقطة.. أو أغنية ماجنة.. أو ملبس فاضح.. أو اتصالات ومعاكسات.
قصة امرأة.إعداد عبد الله بن راضي المعيدي
المصدر/موقع الكتيبات الإسلامية
طبع/دار القاسم
.
باسم الله نبدأ
اللهم لك الحمد لكن أجله وأعظمه، ولك الشكر لكن أحسنه وأجمله، ولك الثناء لكن أكمله وأتمه، ولك المدح لكن أبلغه وأحلاه.
والصلاة والسلام على الصفوة المصطفى، والأسوة المرتضى ،والسيف المنتضى، والإمام المجتبى، ما حدث نوق وقام سوق، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أسره إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذه قصة امرأة مباركة... سطرها التاريخ بأحرف من ذهب... وتناقلتها الرواة بأشد ما يكون العجب!!.. امرأة جادت بنفسها.. وأرخصت روحها.. يوم أن ذاقت طعم الإيمان.. وزاد الشوق للرحمن.
هي قصة أهديها للأخت المسلمة.. والجوهرة المصونة. والدرة المكنونة.. في زمن زاد فيه تيه كثير من النساء.. وانتشر فيه الضياع..
فإليك أنت فقط.. نعم إليك أنت.. يا أمة الله.. يا مربية الأجيال.. يا صانعة الرجال.. إليك هذه القصة.. وتلك الكلمات.. وهذه العاطفة الصادقة.. سائلاً الله تعالى لك شرف الدنيا وعز الآخرة، وأن يحفظك أينما كنت وأن يجعلك كعائشة العالمة، وأسماء القوامة، وحفصة الصوامة..
فتلك سفينة الطهر.. ومركب العفاف.. فاركبيها.. فإن مرساها في الجنة بإذن الله تعالى..
وكتبه
أبو عبد الرحمن عبد الله بن راضي المعيدي الشمري
المدرس بالمعهد العلمي في حائل
ت/5390305/06
AR msh 1426
* * * *
جلس الرسول صلى الله عليه وسلم يومًا في المسجد وأصحابه حوله كالقمر وسط النجوم في ظلام الليل، يعلمهم يؤدبهم.. يزكيهم..
اكتمل المجلس بكبار الصحابة وسادات الأنصار وبالأولياء والعلماء.
وإذا بامرأة متحجبة تدخل من باب المسجد.. فسكت عليه الصلاة والسلام، وسكت أصحابه.. وأقبلت رويدًا.. تمشي وجلاً وخشية.. رمت بكل مقاييس البشر وموازينهم.. تناست العار والفضيحة.. لم تخش الناس.. أو عيون الناس.. وماذا يقول الناس.. أقبلت تطلب الموت.. نعم تطلب الموت.. فالموت يهون إن كان معه المغفرة والصفح.. يهون إن كان بعده الرضا والقبول.. حتى وصلت إليه عليه الصلاة والسلام ثم وقفت أمامه وأخبرته بأنها زنت!! وقالت: (يا رسول الله أصبت حدًا فطهرني).
ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ هل استشهد عليها الصحابة؟ هل قال لهم: اشهدوا عليها؟ لا، احمر وجهه حتى كاد يقطر دمًا.. ثم حول وجهه إلى الميمنة، وسكت كأنه لم يسمع شيئًا.
حاول الرسول صلى الله عليه وسلم أن ترجع المرأة عن كلامها ولكنها امرأة مجيدة، امرأة بارة، امرأة رسخ الإيمان في قلبها وفي جسمها.. حتى جرى في كل ذرة من ذرات هذا الجسد.. فقالت – واسمع ماذا قالت -: أراك يا رسول الله تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك، فوالله إني حبلى من الزنا..!! فقال صلى الله عليه وسلم: «اذهبي حتى تضعيه».
ويمر الشهر تلو الشهر.. والآلام تلد الآلام.. حملت طفلها تسعة أشهر.. ثم وضعته.. وفي أول يوم أتت به وقد لفته في خرقة.. وقالت: يا رسول الله، طهرني من الزنا.. ها أنا وضعته فطهرني يا رسول الله. فنظر إلى طفلها. وقلبه يتفطر عليه ألمًا وحزنًا.. فهو الرحمة للعصاة، والرحمة للطيور، والرحمة للحيوان.. قال بعض أهل العلم: بل هو صلى الله عليه وسلم رحمة حتى للكافر قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.
من يُرضع الطفل إذا قتلها؟ من يقوم بشؤونه إذا أقام عليها الحد؟ فقال: «ارجعي فإذا فطمتيه فعودي إلي» فذهبت إلى بيت أهلها، فأرضعت طفلها، وما يزداد الإيمان في قلبها إلا رسوًا كرسو الجبال.
وتدور السنة تعقبها سنة.. وتأتي به وفي يده خبز يأكله تقول: يا رسول الله قد فطمته فطهرني.. عجبًا لها ولحالها!! أي إيمان هذا الذي تحمله.. ما هذا الإصرار والعزم.. ثلاث سنين تزيد أو تنقص.. والأيام تتعاقب.. والشهور تتوالى.. وفي كل لحظة لها مع الألم قصة.. وفي عالم المواجع رواية..
ثم أتت بالطفل بعد أن فطمته.. وفي يده كسرة خبز.. وذهبت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قالت: طهرني يا رسول الله.. فأخذ صلى الله عليه وسلم طفلها وكأنه سل قلبها من بين جنبيها.. لكنه أمر الله.. العدالة السماوية.. الحق الذي تستقيم به الحياة..؟
قال عليه الصلاة والسلام: «من يكفل هذا وهو رفيقي في الجنة كهاتين».
ويؤمر بها فتدفن إلى صدرها ثم ترجم.. فيطيش دم من رأسها على خالد بن الوليد.. فسبها على مسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: «مهلاً يا خالد؛ والله لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لقبلت منه» وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم: «أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها، فقال عمر : تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد تابت توبة، لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى؟».
سبحان الله!! ما الذي جعلها تفعل هذا كله؟
إنه الخوف من الله.. إنها الخشية من مؤمنة وقعت في حبائل الشيطان واستجابت له في لحظة ضعف.. نعم أذنبت.. ولكنها قامت من ذنبها بقلب ممتلئ بالإيمان.. ونفس لسعتها حرارة المعصية.. نعم أذنبت.. ولكن قام في قلبها مقام التعظيم لمن عصت.. إنها التوبة يا أختاه.. نعم إنها التوبة يا أختاه..
ووالله يا أمة الله.. ما سقت لك هذه القصة تهييجًا لعواطفك.. ولا استدرارًا لدمعتك.. أو استثارة لمشاعرك.. كلا.. كلا.. ولكن لتعلمي أن لهذا الدين.. أبطالاً يحملونه.. يضحون من أجله.. يسحقون لعزه جماجمهم.. ويسكبون دماءهم.. ويقطعون أجسادهم..
ولئن كان كفار الأمس أبو جهل وأمية عذبوا بلالاً وسمية، فإن كفار اليوم لا يزالون يبذلون.. ويخططون ويكيدون.. في سبيل أن يسلبوا عزك وشرفك.. فاحذري من أن تكون فريسة لتلك الذئاب البشرية.
أختاه، تأملي في قصة هذه المرأة.. كيف جادت بنفسها.. فلله درها ما أعظم ثباتها.. وأكثر ثوابها!!
الله أكبر.. رجمت.. تعبت.. تألمت.. لكنها استراحت كثيرًا.. مضت هذه المرأة المؤمنة إلى خالقها.. وجاورت ربها.. ويرجى أن تكون اليوم في جنات ونهر.. في مقعد صدق عند مليك مقتدر.. وهي اليوم أحسن منها في الدنيا حالاً... وأكثر نعيمًا وجمالاً.. وعند البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحًا.. ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها».
ثبتت على دينها برغم الفتنة العظيمة التي أحاطت بها.
ومن هنا.. قارني – يا رعاك الله – بين حال هذه المرأة.. وحال كثير من فتياتنا.
فعجبًا والله لفتيات لا تستطيع إحداهن الثبات ولو على إقامة الصلاة.. عجبًا لفتيات لا تستطيع إحداهن ترك المحرمات.. من نظر لتمثيلية ساقطة.. أو أغنية ماجنة.. أو ملبس فاضح.. أو اتصالات ومعاكسات.