منتديات ضي القمر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله،وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد
فكلنا يسمع عن العشق
مِنَّا من جَرَّبَهُ ،.
مِنَّا مَن يَتُوق شوقاً إلى ركوبِ بَحره وخَوض تجربته
وما هذا إلا لأن الدنيا كلها تعج بالحديث عنه
وبالغناء له
فيه كُتِبَت الأشعار
ونُثِرَت الكتب
وبُثَّت الخواطر
الأكثرين منشغلون بهذا المرض !
- مرض؟!
إي وربي ،.. إنه من أَدوَى أمراض الدنيا
وبشهادة أهله المباشِرين له
إنه من أخطر الأمراض التي قد تصيب قلبك
وهل لك إلا قلبك؟
وهل بعد مرض قلبك تحلو الدنيا أو الآخرة؟
العشقُ كما قالوا عنه:
داءٌ دَوِيٌّ لا شفاء منه ولا بُرأ ولا نجاة
،
لا تخف
أنا لم أقل أنه لا شفاء
هم الذين قالوا
انتظر معي
ولاتجزع يا صاحب الهم الثقيل
فهناك أدويةٌ ناجِعةٌ ، وأطواقُ نجاةٍ يمكنك التشبث بها
ولا عليك بعد اليوم
هي ستحملك خارج تلك اللُجج لتُسلِمَك إلى شاطئ الخلاص والراحة
استمع لشمس الدين أبي عبد الله
الإمام بن القيم
استمِع لكلامِهِ القيم ، وعِهِ جيداً
قال رحمه الله مُعَرِّفاَ ذلك المرض:
" إن العشق مرض من أمراض القلب، مخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه وعلاجه، وإذا تمكن واستحكم، عز على الأطباء دواؤه، وأعيى العليل داؤه…" أ.هـ
هذا هو حال الأكثرين
يفشلون في مداواة العاشق من هلاك نفسه
ولكن ، ثَمَّ علاج ،بل مجموعة كبيرة من الأدوية ليُجرِّب كل مريض الدواء الذي تشفَلى به نفسه
ولكن أولاً
ما أسباب الإصابة بالعشق ؟
استمع مرة أخرى إلى أبي عبد الله رحمه الله تعالى
إذ قال في ذلك :
" وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه، المتعوضة بغيره عنه، فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه، دفع ذلك عنه مرض عشق الصور، ولهذا قال تعالى في حق يوسف: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف:24]
فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ثمرته ونتيجته، فصرف المسبب صرف لسببه، ولهذا قال بعض السلف، العشق حركة قلب فارغ، يعني: فارغاً مما سوى معشوقه… " أ.هـ
لعلك الآن عرفت ماهية ذلك المرض ،.
وعرفت أسباب الإصابة به
وعرفت أيضا وسيلة الوقاية الكبرى منه ألا وهي أن تكون مِن المُخلَصين
ولتكون من المخلَصين يتحتم عليك أن تفعل فعل يوسف عليه السلام
ولتعرف ما فعل اقرأ ما حكاه رب العباد مِن قول امرأة العزيز
{ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ }
بمَن استعصم؟
بالله سبحانه وتعالى
وهل هناك من يعصمك إلا هو سبحانه؟
تعالى الآن نكمل كلامنا
فلنعد مرة أخرى إلى إمام الدنيا رحمه الله تعالى وهو يخبرنا بتركيبة هذا المرض الفتاك
قال رحمه الله تعالى:
" العشق مركب من أمرين : استحسان للمعشوق، وطمع في الوصول إليه، فمتى انتفى أحدهما انتفى العشق " أ.هـ
أفهمت الآن ؟
إن الواحد منا إذا استحسن صورة شخصٍ وانشغلَ به ليل نهار طامعا في القرب منه والاقتران به ومقابلته والخلوة به فهذا هو العاشق
فإن انتفى ركن من هذين الركنين فهذا ليس بعشق
فمن الممكن أن تستحسن شخصاً ما ، يعجبك ،يروقك، ولكن لا يحدث الطمع في وَصله وملازمته،فهذا ليس بعشق
وقد يحدث أن تنشغل بشخص وتتوق نفسك لصحبته الدائمة ومقابلته بل ربما ملازمته ولكنك لست مفتونا بصورته ، فهذا أيضا ليس بعشق
العشق لابد فيه من الركنين : الاستحسان والطمع في الوصل
لعلك فهمت
إذاً ..دعنا الآن نعرف
ألِهذا البلاء علاج؟
والجواب :نعم ، هو مرض كسائر الأمراض، وما من مرض إلا وله دواء
قال بن القيم رحمه الله :
" إن العشق لمَّا كان مرضاً من الأمراض، كان قابلاً للعلاج، وله أنواع من العلاج،." أ.هـ
ولكن اعلم يا صاحبي ويا أختي أن من طلب العلاج اجتهد ، ولكنَّ المصيبة الأصلية هي أن مرضى العشق بالذات لا يتداوون ، يرغبون عن العلاج ولا يحاول أحدهم أدنى محاولة من أجل التخلص من هذا الداء العضال.
لذا فإني أقول إن العشق يصيب الإنسان بعدة أمراض نفسية،فالعاشق لا يكون صاحب نفسية سويَّة بحالٍ من الأحوال،وإنما يكون مضطرب النفس ، سقيمها ،يتصرف بصورة غريبة هو نفسه لا يعرف لها مبرراً ، وبعد أن تفوت السنوات يتذكر أفعاله هذه فيستغرب من نفسه،وكيف كان يتصرف بهذه الصورة المشينة !
فقبل أن نقرأ معاً علاج العشق ، لابد أن نعزم أولا على السعي في طلب هذا العلاج ، وأن نقوم بجدٍ قَوْمَةَ راغِبٍ في التخلص من هذا البلاء.
اعزموا
ثم
تعالوا نتعرف على أدوية العشق
العلاج الأول كما يقول الإمام بن القيم رحمه الله تعالى هو :
" إن كان للعاشق سبيلٌ إلى وَصل محبوبه شرعاً، فهذا هو علاجُه، كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء" فدلَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المُحِبَّ على علاجين:
أَصْلِيٍّ وبَدَلِيّ،
وأَمَرَهُ بالأَصلِيِّ: وهو العلاج الذي وُضِعَ لهذا الداء، فلا ينبغي العدول عنه إلى غيره ما وجد إليه سبيلاً.
وروى ابن ماجه في " سننه" عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لم نر للمتحابين مثل النكاح" … " أ.هـ
فأُولَى طرق العلاج للعشق بين الرجل والمرأة الزواج - إذا كان ممكناً - وهو أصل العلاج وأنفعه.
فإن كان لا يوجد سبيل لهذا كأن تكون المرأة متزوجة من غير العاشق، أو كان العشق بين اثنين لا يمكن زواجهما مثل: فقيرٍ مُعدَم ٍمع بنت الملك…أو لا يوجد تكافؤ اجتماعي أو أدبي بينهما أو بين أهليهما.،
حينئذٍ ننتفل إلى العلاج التالي كما وصفه الإمام ابن القيم رحمه الله ، ألا وهو:
" إشعارُ النَفْسِ اليأسَ من المحبوب ،. فإن النفس متى يئست من الشيء استراحت منه ولم تلتفت إليه.
فإن لَم يَزُل مرضُ العشق مع اليأس فقد انحرف الطبعُ انحرافاً شديداً
فينقل حينئذ إلى علاج آخر، وهو :
علاج عقله ، بأن يعلم بأن تعلق القلب بما لا مطمع في حصوله نوع من الجنون، وصاحبه بمنزلة من يعشق الشمس، وروحه متعلقة بالصعود إليها، والدوران معها في فلكها، وهذا معدودٌ عند جميع العقلاء في زمرة المجانين…
فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء، ولم تطاوعه لهذه المعالجة، فلينظر ما تجلب عليه هذه الشهوة من مفاسد عاجلته، وما تمنعه من مصالحها. فإنها أجلب شيء لمفاسد الدنيا، وأعظم شيء تعطيلاً لمصالحها، فإنها تحُول بين العبد وبين رُشده الذي هو مِلاك أمره، وقوام مَصَالِحِه.
فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء أيضاً،
فليتذكر قبائحَ المحبوب، وما يدعوه إلى النُفرة عنه، فإنه إن طلبَ تلك القبائح وبحث عنها وتأملها، وجدها أضعاف محاسنه التي تدعوه إلى حبه، وليسأل جيرانه عما خفي عليه منها، فإن المحاسن كما هي داعية الحب والإرادة، فالمساوئ داعية البُغض والنفرة، فليوازن بين الداعِيَيْن، وليحب أسبقهما وأقربهما منه باباً، ولا يكن ممن غره لون جمال على جسم أبرص مجذوم، وليُجاوز بصرُه حُسنَ الصورة إلى قبحَ الفِعل، وليَعبُر مِن حُسن المنظر والجسم إلى قبحِ المَخبَرِ والقلب. " أ.هـ
وهذه هي نهاية الأدوية لمن كانت له إرادةٌ قوية ، ونفسٌ سَوِيَّة
فإن لم يكن هذا حاله سيبقى سقيما ً مُعذَّبَاً هائِماً على وَجهِه تضيع منه دنياه وءاخِرَتِه .
ولكن لا ينبغي لمَن هذا حاله أن يسكت ، .
قال الإمام بن القيم رحمه الله :
"فإن عجزت عنه هذه الأدوية كلها لم يبق لك إلا صِدقُ اللُجْأ إلى مَن يجيب المضطر إذا دعاه، فاطرح نَفسك بين يَدَيْ مولاك مستغيثاً به، متضرعاً متذللاً، مستكيناً، فمتى وُفِّقتَ لذلك، فقد قرعت باب التوفيق فَلتَعفّ ولتَكتُم، ولا تُشَبِّبْ بِذِكرِ مَحبوبِك ، ولا تفضَحْهُ بين الناسِ فتُعَرِّضهُ للأذى ، وإلا كُنتَ ظالماً متعدياً." أ.هـ
وإتماماً للفائدة : اعلمْ أنه ليس هناك عشقٌ حلالٌ إلا ما يكون بين الرجل وزوجته - ما لَم يتجاوز حَدَّ الاعتدال، ولم يُؤَدِّ إلى الوقوع في مُحَرَّم أو تَركِ واجِبٍ مِن واجبات الدين- فإن كان شيئٌ مِن هذا بين الزوجين صار أيضا العشق حراماً إذ أنه لا يجوز تعلق القلب إلا بالله تبارك وتعالى،ولا يجوز ترك أمر من أوامره أو فعل مُحَرَّمٍ مِن محرماته من أجل رضا أي انسانٍ كائِناً مَن كان.
أسأل الله تعالى لي ولكم العافية والعفاف وسلامة القلب من سائر الأدواء والأمراض
مجموع بتصرف يسير لشخصي الفقير.
منتديات ضي القمر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله،وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد
فكلنا يسمع عن العشق
مِنَّا من جَرَّبَهُ ،.
مِنَّا مَن يَتُوق شوقاً إلى ركوبِ بَحره وخَوض تجربته
وما هذا إلا لأن الدنيا كلها تعج بالحديث عنه
وبالغناء له
فيه كُتِبَت الأشعار
ونُثِرَت الكتب
وبُثَّت الخواطر
الأكثرين منشغلون بهذا المرض !
- مرض؟!
إي وربي ،.. إنه من أَدوَى أمراض الدنيا
وبشهادة أهله المباشِرين له
إنه من أخطر الأمراض التي قد تصيب قلبك
وهل لك إلا قلبك؟
وهل بعد مرض قلبك تحلو الدنيا أو الآخرة؟
العشقُ كما قالوا عنه:
داءٌ دَوِيٌّ لا شفاء منه ولا بُرأ ولا نجاة
،
لا تخف
أنا لم أقل أنه لا شفاء
هم الذين قالوا
انتظر معي
ولاتجزع يا صاحب الهم الثقيل
فهناك أدويةٌ ناجِعةٌ ، وأطواقُ نجاةٍ يمكنك التشبث بها
ولا عليك بعد اليوم
هي ستحملك خارج تلك اللُجج لتُسلِمَك إلى شاطئ الخلاص والراحة
استمع لشمس الدين أبي عبد الله
الإمام بن القيم
استمِع لكلامِهِ القيم ، وعِهِ جيداً
قال رحمه الله مُعَرِّفاَ ذلك المرض:
" إن العشق مرض من أمراض القلب، مخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه وعلاجه، وإذا تمكن واستحكم، عز على الأطباء دواؤه، وأعيى العليل داؤه…" أ.هـ
هذا هو حال الأكثرين
يفشلون في مداواة العاشق من هلاك نفسه
ولكن ، ثَمَّ علاج ،بل مجموعة كبيرة من الأدوية ليُجرِّب كل مريض الدواء الذي تشفَلى به نفسه
ولكن أولاً
ما أسباب الإصابة بالعشق ؟
استمع مرة أخرى إلى أبي عبد الله رحمه الله تعالى
إذ قال في ذلك :
" وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه، المتعوضة بغيره عنه، فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه، دفع ذلك عنه مرض عشق الصور، ولهذا قال تعالى في حق يوسف: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف:24]
فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ثمرته ونتيجته، فصرف المسبب صرف لسببه، ولهذا قال بعض السلف، العشق حركة قلب فارغ، يعني: فارغاً مما سوى معشوقه… " أ.هـ
لعلك الآن عرفت ماهية ذلك المرض ،.
وعرفت أسباب الإصابة به
وعرفت أيضا وسيلة الوقاية الكبرى منه ألا وهي أن تكون مِن المُخلَصين
ولتكون من المخلَصين يتحتم عليك أن تفعل فعل يوسف عليه السلام
ولتعرف ما فعل اقرأ ما حكاه رب العباد مِن قول امرأة العزيز
{ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ }
بمَن استعصم؟
بالله سبحانه وتعالى
وهل هناك من يعصمك إلا هو سبحانه؟
تعالى الآن نكمل كلامنا
فلنعد مرة أخرى إلى إمام الدنيا رحمه الله تعالى وهو يخبرنا بتركيبة هذا المرض الفتاك
قال رحمه الله تعالى:
" العشق مركب من أمرين : استحسان للمعشوق، وطمع في الوصول إليه، فمتى انتفى أحدهما انتفى العشق " أ.هـ
أفهمت الآن ؟
إن الواحد منا إذا استحسن صورة شخصٍ وانشغلَ به ليل نهار طامعا في القرب منه والاقتران به ومقابلته والخلوة به فهذا هو العاشق
فإن انتفى ركن من هذين الركنين فهذا ليس بعشق
فمن الممكن أن تستحسن شخصاً ما ، يعجبك ،يروقك، ولكن لا يحدث الطمع في وَصله وملازمته،فهذا ليس بعشق
وقد يحدث أن تنشغل بشخص وتتوق نفسك لصحبته الدائمة ومقابلته بل ربما ملازمته ولكنك لست مفتونا بصورته ، فهذا أيضا ليس بعشق
العشق لابد فيه من الركنين : الاستحسان والطمع في الوصل
لعلك فهمت
إذاً ..دعنا الآن نعرف
ألِهذا البلاء علاج؟
والجواب :نعم ، هو مرض كسائر الأمراض، وما من مرض إلا وله دواء
قال بن القيم رحمه الله :
" إن العشق لمَّا كان مرضاً من الأمراض، كان قابلاً للعلاج، وله أنواع من العلاج،." أ.هـ
ولكن اعلم يا صاحبي ويا أختي أن من طلب العلاج اجتهد ، ولكنَّ المصيبة الأصلية هي أن مرضى العشق بالذات لا يتداوون ، يرغبون عن العلاج ولا يحاول أحدهم أدنى محاولة من أجل التخلص من هذا الداء العضال.
لذا فإني أقول إن العشق يصيب الإنسان بعدة أمراض نفسية،فالعاشق لا يكون صاحب نفسية سويَّة بحالٍ من الأحوال،وإنما يكون مضطرب النفس ، سقيمها ،يتصرف بصورة غريبة هو نفسه لا يعرف لها مبرراً ، وبعد أن تفوت السنوات يتذكر أفعاله هذه فيستغرب من نفسه،وكيف كان يتصرف بهذه الصورة المشينة !
فقبل أن نقرأ معاً علاج العشق ، لابد أن نعزم أولا على السعي في طلب هذا العلاج ، وأن نقوم بجدٍ قَوْمَةَ راغِبٍ في التخلص من هذا البلاء.
اعزموا
ثم
تعالوا نتعرف على أدوية العشق
العلاج الأول كما يقول الإمام بن القيم رحمه الله تعالى هو :
" إن كان للعاشق سبيلٌ إلى وَصل محبوبه شرعاً، فهذا هو علاجُه، كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء" فدلَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المُحِبَّ على علاجين:
أَصْلِيٍّ وبَدَلِيّ،
وأَمَرَهُ بالأَصلِيِّ: وهو العلاج الذي وُضِعَ لهذا الداء، فلا ينبغي العدول عنه إلى غيره ما وجد إليه سبيلاً.
وروى ابن ماجه في " سننه" عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لم نر للمتحابين مثل النكاح" … " أ.هـ
فأُولَى طرق العلاج للعشق بين الرجل والمرأة الزواج - إذا كان ممكناً - وهو أصل العلاج وأنفعه.
فإن كان لا يوجد سبيل لهذا كأن تكون المرأة متزوجة من غير العاشق، أو كان العشق بين اثنين لا يمكن زواجهما مثل: فقيرٍ مُعدَم ٍمع بنت الملك…أو لا يوجد تكافؤ اجتماعي أو أدبي بينهما أو بين أهليهما.،
حينئذٍ ننتفل إلى العلاج التالي كما وصفه الإمام ابن القيم رحمه الله ، ألا وهو:
" إشعارُ النَفْسِ اليأسَ من المحبوب ،. فإن النفس متى يئست من الشيء استراحت منه ولم تلتفت إليه.
فإن لَم يَزُل مرضُ العشق مع اليأس فقد انحرف الطبعُ انحرافاً شديداً
فينقل حينئذ إلى علاج آخر، وهو :
علاج عقله ، بأن يعلم بأن تعلق القلب بما لا مطمع في حصوله نوع من الجنون، وصاحبه بمنزلة من يعشق الشمس، وروحه متعلقة بالصعود إليها، والدوران معها في فلكها، وهذا معدودٌ عند جميع العقلاء في زمرة المجانين…
فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء، ولم تطاوعه لهذه المعالجة، فلينظر ما تجلب عليه هذه الشهوة من مفاسد عاجلته، وما تمنعه من مصالحها. فإنها أجلب شيء لمفاسد الدنيا، وأعظم شيء تعطيلاً لمصالحها، فإنها تحُول بين العبد وبين رُشده الذي هو مِلاك أمره، وقوام مَصَالِحِه.
فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء أيضاً،
فليتذكر قبائحَ المحبوب، وما يدعوه إلى النُفرة عنه، فإنه إن طلبَ تلك القبائح وبحث عنها وتأملها، وجدها أضعاف محاسنه التي تدعوه إلى حبه، وليسأل جيرانه عما خفي عليه منها، فإن المحاسن كما هي داعية الحب والإرادة، فالمساوئ داعية البُغض والنفرة، فليوازن بين الداعِيَيْن، وليحب أسبقهما وأقربهما منه باباً، ولا يكن ممن غره لون جمال على جسم أبرص مجذوم، وليُجاوز بصرُه حُسنَ الصورة إلى قبحَ الفِعل، وليَعبُر مِن حُسن المنظر والجسم إلى قبحِ المَخبَرِ والقلب. " أ.هـ
وهذه هي نهاية الأدوية لمن كانت له إرادةٌ قوية ، ونفسٌ سَوِيَّة
فإن لم يكن هذا حاله سيبقى سقيما ً مُعذَّبَاً هائِماً على وَجهِه تضيع منه دنياه وءاخِرَتِه .
ولكن لا ينبغي لمَن هذا حاله أن يسكت ، .
قال الإمام بن القيم رحمه الله :
"فإن عجزت عنه هذه الأدوية كلها لم يبق لك إلا صِدقُ اللُجْأ إلى مَن يجيب المضطر إذا دعاه، فاطرح نَفسك بين يَدَيْ مولاك مستغيثاً به، متضرعاً متذللاً، مستكيناً، فمتى وُفِّقتَ لذلك، فقد قرعت باب التوفيق فَلتَعفّ ولتَكتُم، ولا تُشَبِّبْ بِذِكرِ مَحبوبِك ، ولا تفضَحْهُ بين الناسِ فتُعَرِّضهُ للأذى ، وإلا كُنتَ ظالماً متعدياً." أ.هـ
وإتماماً للفائدة : اعلمْ أنه ليس هناك عشقٌ حلالٌ إلا ما يكون بين الرجل وزوجته - ما لَم يتجاوز حَدَّ الاعتدال، ولم يُؤَدِّ إلى الوقوع في مُحَرَّم أو تَركِ واجِبٍ مِن واجبات الدين- فإن كان شيئٌ مِن هذا بين الزوجين صار أيضا العشق حراماً إذ أنه لا يجوز تعلق القلب إلا بالله تبارك وتعالى،ولا يجوز ترك أمر من أوامره أو فعل مُحَرَّمٍ مِن محرماته من أجل رضا أي انسانٍ كائِناً مَن كان.
أسأل الله تعالى لي ولكم العافية والعفاف وسلامة القلب من سائر الأدواء والأمراض
مجموع بتصرف يسير لشخصي الفقير.
منتديات ضي القمر