..
منتديات ضواء القمر
إنها مذكرات ريفي ودَّع أهله واتجه إلى القاهرة ليُحَصِّلَ كسرة خبز لإخوته - ليلى ،وعطية ،وحجازي ،وعائشة ، وأشياءاً أُخَر، ودَّعته أمه وهي تدعو له أن لا يعتريه "ولاد الحرام" .. ولكن القاهرة القاسية كان لها رأي آخر غير رأي أمه ..فخاطب الشاعرُ القاهرةَ بهذه القصيدة
أتيناكِ نطلبُ كسرةَ خبزٍ
لليلَى ، وعطية ، وحجازي
وشيخٍ ، وأمٍ تعد الثواني في غربتي
وقالوا جميعا ً : وداعاً .. وداعا
وغطُّوا المحطةً همَّاً وغمَّاً ، وحزناً عريقا
وداعاً، وداعاً..وإياكَ تنسى حذاءاً لـ " عِيشة "
حِراما .. لجًدِّك
وثوباً سميكاً لأُمِّكَ " وردة "
فقد مصَّ لحميَ بردُ الشتاء
ولم يبقَ مِني سوى العظْمتين
وعُمرٌ طويلٌ..كنخلةِ "عَمِّك"
وداعاً بُنَي
سأدعو لِتسلَم في غُربتِكْ
ولا يعتريكَ ( ولاد الحرام )
ونسوان مِصر وأضواؤها
وأولِجُ جسمي
في ثنيات القطار المستبيح مسافةً
ما بين مصر إلى الصعيد
بسبع ساعاتٍ تمد على القضيب
فلا تموت ..
ولا تخاف صدى الأزيز
ويداي تحضُن مقطفي
وتضمُّهُ
وتكفكف الزبد الذي يختال من فوق الحروف
وبجانبيَّ خواطري
وهموم عُمر لا يعيشُ
ولا يموت
ملَّ البقاء على التراب
وتحت نخلٍ لا يجودُ بغير "حكش"
قد يُقلِّبُ معدتي ويثيرها ضدي
فتلعن صحبتي
وحشرتُ جسمي بين فوج النازلين
ورَمَيتُ نفسي بينهم
فأنا نزلت .. ولم أزل
نحو السفوح تدرُّجي
ما كنتُ يوماً صاعدا !!
وصحِبتُني للشرق أو للغرب أبغي مخرجا
بل دُرتُ حول جميع أعمدة المحطة شاخِصا
أين النخيل ؟!!! ، وأين ترعة بلدتي ؟!!
أنا لا أرى كيف المسيرُ بدونها
كانت تحدد مسلكي
فأمامها خُصِّي
وعند مصبها أرعَى ببقرة خالتي
أنا لا أرى غير العمائرِ والحجارةِ ،.. والجُثث !!
فبأي شِقٍ قد أسير ؟
وجميعُ أرصفة الشوارعِ تلتوي
لا تستوي
لا تنتهي
وسألتُهُم : ضيفٌ أنا ...
وبقُدرتي حَمْلُ الحجارةِ والزلط
كيف الطريقُ إلى العمل ؟
وسألتُهُم ...
لَمْ ينظروا
لم يلتفِت أحدٌ إليَّ يُجيبني
بل ظَلَّ يضحكُ واحدٌ – مستهزئاً بعمامتي –
ويشُدُّني مِن شاربي "شرفي ورمزُ رجولتي"
فلعنتُهُ
قالوا: جَهولٌ .، غاشمٌ
جِلفٌ تربَّى في الثرى
بصقوا عليَّ
لعنتُهُم
ومضيتُ أحمِلُ مقطفي مُتَخَبِّطاً
ما زلتُ أحلمُ بالحجارة والزلط
أعلو بها لأقيمُ صرحاً في البلد
وتحُطُّني
فأرى بنائي في السماء مُحلِّقا
وأنا هنا
لا أرتقي
ما زلتُ أحلم – في الطريق – بحُجرةٍ
فوق السطوح تلمُّني
ومضيتُ أسألُ مقطفي :
هل يا تُرى سأنامُ ليلِي واقِفاً
أم عابِراً للأرصِفةْ ؟!
قالوا بِأنَّكِ أُمُّنَا
يا مصر .... حقاً أمنا ؟
وجميعُ ولدِك هاهُنا
في حَضرَتِك
إلا أنا !!
كابنِ الحرام ِ وكُلُّهم أولاد حِلِّ خالِصٍ ؟!!!
يا قاسية !!
ضواء القمر
منتديات ضواء القمر
إنها مذكرات ريفي ودَّع أهله واتجه إلى القاهرة ليُحَصِّلَ كسرة خبز لإخوته - ليلى ،وعطية ،وحجازي ،وعائشة ، وأشياءاً أُخَر، ودَّعته أمه وهي تدعو له أن لا يعتريه "ولاد الحرام" .. ولكن القاهرة القاسية كان لها رأي آخر غير رأي أمه ..فخاطب الشاعرُ القاهرةَ بهذه القصيدة
أتيناكِ نطلبُ كسرةَ خبزٍ
لليلَى ، وعطية ، وحجازي
وشيخٍ ، وأمٍ تعد الثواني في غربتي
وقالوا جميعا ً : وداعاً .. وداعا
وغطُّوا المحطةً همَّاً وغمَّاً ، وحزناً عريقا
وداعاً، وداعاً..وإياكَ تنسى حذاءاً لـ " عِيشة "
حِراما .. لجًدِّك
وثوباً سميكاً لأُمِّكَ " وردة "
فقد مصَّ لحميَ بردُ الشتاء
ولم يبقَ مِني سوى العظْمتين
وعُمرٌ طويلٌ..كنخلةِ "عَمِّك"
وداعاً بُنَي
سأدعو لِتسلَم في غُربتِكْ
ولا يعتريكَ ( ولاد الحرام )
ونسوان مِصر وأضواؤها
وأولِجُ جسمي
في ثنيات القطار المستبيح مسافةً
ما بين مصر إلى الصعيد
بسبع ساعاتٍ تمد على القضيب
فلا تموت ..
ولا تخاف صدى الأزيز
ويداي تحضُن مقطفي
وتضمُّهُ
وتكفكف الزبد الذي يختال من فوق الحروف
وبجانبيَّ خواطري
وهموم عُمر لا يعيشُ
ولا يموت
ملَّ البقاء على التراب
وتحت نخلٍ لا يجودُ بغير "حكش"
قد يُقلِّبُ معدتي ويثيرها ضدي
فتلعن صحبتي
وحشرتُ جسمي بين فوج النازلين
ورَمَيتُ نفسي بينهم
فأنا نزلت .. ولم أزل
نحو السفوح تدرُّجي
ما كنتُ يوماً صاعدا !!
وصحِبتُني للشرق أو للغرب أبغي مخرجا
بل دُرتُ حول جميع أعمدة المحطة شاخِصا
أين النخيل ؟!!! ، وأين ترعة بلدتي ؟!!
أنا لا أرى كيف المسيرُ بدونها
كانت تحدد مسلكي
فأمامها خُصِّي
وعند مصبها أرعَى ببقرة خالتي
أنا لا أرى غير العمائرِ والحجارةِ ،.. والجُثث !!
فبأي شِقٍ قد أسير ؟
وجميعُ أرصفة الشوارعِ تلتوي
لا تستوي
لا تنتهي
وسألتُهُم : ضيفٌ أنا ...
وبقُدرتي حَمْلُ الحجارةِ والزلط
كيف الطريقُ إلى العمل ؟
وسألتُهُم ...
لَمْ ينظروا
لم يلتفِت أحدٌ إليَّ يُجيبني
بل ظَلَّ يضحكُ واحدٌ – مستهزئاً بعمامتي –
ويشُدُّني مِن شاربي "شرفي ورمزُ رجولتي"
فلعنتُهُ
قالوا: جَهولٌ .، غاشمٌ
جِلفٌ تربَّى في الثرى
بصقوا عليَّ
لعنتُهُم
ومضيتُ أحمِلُ مقطفي مُتَخَبِّطاً
ما زلتُ أحلمُ بالحجارة والزلط
أعلو بها لأقيمُ صرحاً في البلد
وتحُطُّني
فأرى بنائي في السماء مُحلِّقا
وأنا هنا
لا أرتقي
ما زلتُ أحلم – في الطريق – بحُجرةٍ
فوق السطوح تلمُّني
ومضيتُ أسألُ مقطفي :
هل يا تُرى سأنامُ ليلِي واقِفاً
أم عابِراً للأرصِفةْ ؟!
قالوا بِأنَّكِ أُمُّنَا
يا مصر .... حقاً أمنا ؟
وجميعُ ولدِك هاهُنا
في حَضرَتِك
إلا أنا !!
كابنِ الحرام ِ وكُلُّهم أولاد حِلِّ خالِصٍ ؟!!!
يا قاسية !!
ضواء القمر